الخميس 11 يناير 2024 / 16:05

بعد 74 عاماً من العمل الفكري.. بيروت تودع الكاتب كريم مروة

ودعت العاصمة اللبنانية بيروت، مساء أمس المفكر اللبناني كريم مروة، الذي رحل عن عالمنا عن عمر ناهز الـ94 عاماً، فهو مفكر وسياسي وحزبي وصحافي معتّق عمل في أكثر من صحيفة ومجلة. إذ عمل في بداية شبابه في تحرير جريدة النور التي كان يصدرها الحزب الشيوعي من سوريا يوم كان الحزب الشيوعي موحداً بين سوريا ولبنان وبقي فيها حتى العام 1958.

وعمل في تأسيس وتحرير جريدة النداء وأصبح رئيساً لتحريرها حتى العام 1966. كتب العديد من الأبحاث في مجلة (الطريق) اللبنانية اليسارية. كما كتب في جريدة المحرر اللبنانية.

أبعاد متنوعة

تعد شخصية الراحل كريم مروة ثرية وغنية بأبعاد متنوعة، فإن كان في لوحة نشاطه أكثر من عشرين كتاباً مطبوعاً توزعت على حقول عدة: الفكر، السياسة، النقد الأدبي، إلاّ أنه قد يكون أبرزها حوار بين كريم مروة وكريم بقرادوني – دار الجديد – 1996، حوار الإيديولوجيات - 1997. الفكر العربي وتحولات العصر – دار الفارابي – 2006، أزمة النظام العربي وإشكاليات النهضة – دار الانتشار العربي – 2006، الظاهرة العراقية – دار المدى - 2007، الشيوعيون الأربعة الكبار – دار الساقي – 2008 البحث عن المستقبل – دار الساقي - 2009، نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي – دار الساقي – 2010.  

حوار المستنيرين

كان المفكر الراحل كريم مروة مهتماً بقضايا الناس، ناس بلده، القضايا المتعلقة بحريتهم وسعادتهم، والمتصلة بتقدم بلداننا. وبحث في كتاباته عن العقبات التي تحول دون تحقيق هذه الأهداف. وقد حرص كمفكر ماركسي على تحرير الماركسية مما ارتكب باسمها من خلل. كما حرص على دعوة المستنيرين، من أصحاب التيارات الدينية، إلى حوار حقيقي ومسؤول، على قاعدة الاعتراف بالآخر، من دون أفكار مسبقة، ومن دون تكفير، حوار يحدد نقاط الاتفاق، لأجل مواجهة مهمتين: مهمة التصدي للقوى المعادية للحرية والتقدم، من مواقعها المختلفة، في السلطة وخارجها، ومهمة النضال المشترك، على قاعدة برنامج يمكن صوغه بعناية، أو على قاعدة برامج متقاربة، لتحقيق أهدافنا في الحرية والتقدم لبلداننا والسعادة لشعوبنا.
لم يكن يعترف المفكر مروة بوجود أصول ماركسية، على غرار الأصوليات الدينية والعلمانية، فمن يقول بذلك، هو غير ماركسي، من وجه نظره. وكان يرى أن أول من يتبرأ منه، هو ماركس بالذات، الذي قال باستمرار في كل ما كتبه وصرّح به، أن ما قدّمه من أفكار، لا يمكن أن يكون نصاً مقدساً، أو عقيدة جامدة، فهو بذل أقصى جهده، كعالم وكمفكر وكفليسوف وكمطلق حركة جديدة لتغيير العالم، من أجل وضع منهج، هو المنهج الجدلي، يرشد الباحثين، خلال عملية التطور التاريخي، في تحديد آليات هذا التطور، في الاتجاه الأكثر حرية وتقدماً وعدالة اجتماعية ، في شكل ملموس، بحسب الزمان والمكان، وشروطهما. 

من النجف إلى الشيوعية

وتشير بطاقته إلى أنه ولد في عائلة دينية عام 1930 في بلدة حاريص الجنوبية. تتلمذ على يد والده الشيخ أحمد مروة فختم القرآن وهو في عمر الثامنة، ثم تابع دراسته على شيوخ بلدته، وعندما بلغ السابعة عشر من عمره أي في العام 1947، أرسله والده الشيخ أحمد مروة إلى النجف لمتابعة دراسته فيها مع نسيبه المفكّر حسين مروة(اغتيل في شباط 1987) الذي كان قد تخلّى عن العمامة وارتدي الثياب الرسمية وأخذ يدرّس هناك بل وانتسب إلى الشيوعية، فتبعه كريم على ذلك. لكن كريم مروة يعدّ أحد "صنّاع" الحزب الشيوعي اللبناني في نسخته الجديدة المنبثقة عن المؤتمر الثاني 1968. يقول في حوار معه أجرته الزميلة نوال نصر نشر في جريدة "نداء الوطن": "أدخلني والدي الشيخ الشيعي إلى مدرسة اللاتين الكاثوليكية، وسلّمني إلى رئيسها الأب عبد الله من دون أن يدخل معه في شروط التعليم، الأمر الذي أدهش الأب المسيحي الكاثوليكي، الذي طلب منّي أن أقرأ له آيات من سورة مريم في القرآن لمدّة عشر دقائق قبل الدخول إلى الكنيسة للصلاة مع سائر التلامذة.".