جمهورية الكونغو الديمقراطية تضم 50 مليون ناطق بالفرنسية (أرشيف)
جمهورية الكونغو الديمقراطية تضم 50 مليون ناطق بالفرنسية (أرشيف)
الجمعة 29 مارس 2024 / 11:23

أفريقيا الناطقة بالإنجليزية تُثير القلق في فرنسا

لا شك أن القارة الأفريقية تُشكّل اليوم رئتي منظمة الفرانكوفونية التي تستضيف فرنسا قمتها في أكتوبر (تشرين الأول) 2024.

وسبق أن قال الرئيس إيمانويل ماكرون إن "قلب اللغة الفرنسية ليس على يمين نهر السين ولا على يساره، بل بلا شك في حوض نهر الكونغو أو في مكان ما في المنطقة...".


فاليوم، ومن بين أكثر من 320 مليون ناطق بلغة موليير في العالم، يعيش أكثر من 44% منهم في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا وفي جزر في المحيط الهندي.

وتضم جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي نظّمت الألعاب الفرنكوفونية في عام 2023، وحدها 50 مليون ناطق بالفرنسية، ومن المتوقع أن يزدادوا أكثر بفضل البرامج التعليمية المُهمّة التي تدعمها الحكومة هناك بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية واليونسكو والمنظمة الدولية للفرانكوفونية.

وفي مقابل ذلك، وبحسب محللين سياسيين فإن مخاوف تراجع نفوذ فرنسا في القارة الأفريقية في الأعوام الأخيرة لا تقتصر على صُنّاع القرار السياسي والاقتصادي في باريس، بل إن الأوساط الأكاديمية والثقافية باتت قلقة حول تراجع مكانة اللغة الفرنسية في العديد من الدول الأفريقية مقابل تزايد هيمنة اللغة الإنجليزية والاهتمام بلغات أخرى أقل انتشاراً.

الدفاع عن الفرنسية

ويرى المدافعون عن لغة "موليير" أن الانسحاب العسكري لفرنسا من بعض الدول في أفريقيا يجب ألا يعني أن العلاقات معها قد انتهت نهائياً وأبداً، فانعدام النفوذ أو تضاؤله لا يعني تسليم أفريقيا بكل سهولة للولايات المتحدة وبريطانيا، أو إلى روسيا والصين المُنافسين الجدد لهيمنة فرنسا التي امتدت عدّة قرون على القارة السمراء.

يذكر أنه قبل سنوات وجّه ما يزيد عن 100 فنان ومدرس وعالم من 25 دولة تنتمي لمنظمة الفرانكفونية، نداءً للرئيس ماكرون داعين إيّاه لحماية الفرنسية مما سموه "الاستعمار الأنجلو أمريكي"، محذّرين من أن اللغة الفرنسية في وضع سيz جداً، وهي تختنق، ويشهد استخدامها تراجعاً بسبب اللغة الإنجليزية التي تُصبح مألوفة أكثر فأكثر.

بالمقابل، كان ماكرون قد رفع في مناسبات كثيرة شعار "الدفاع عن الفرنسية في إطار التعددية اللغوية" أي دون فرضها مقابل الإنجليزية واللغات واللهجات الأخرى المستخدمة، وهو يرى في ذلك الوسيلة الوحيدة لتأكيد الزيادة المتوقعة في عدد مستخدمي اللغة الفرنسية إلى حوالي 700 مليون في عام 2050.

تراث عفا عليه الزمن!

وفي مواجهة انتشار اللغة الإنجليزية في مختلف العلوم والأعمال، يدعو مفوض اللغة الفرنسية في مدينة كيبيك الكندية، بينوا دوبروي، أصحاب المصلحة في الفرانكوفونية إلى العمل معاً لتعزيز الفرنسية في التعليم والبحوث، إذ وعلى مدى العقود القليلة الماضية، اكتسبت الإنجليزية مكانة لا مثيل لها في العالم العلمي، بما يسهل تداول المعرفة والأفكار عبر الحدود الوطنية واللغوية.

ومن جهتها حذّرت السياسية والبرلمانية الفرنسية أميليا لاكرافي، أنه من منظور العديد من المواطنين الفرنسيين، يبدو العالم الناطق بالفرنسية وكأنه تراث عفا عليه الزمن، بل مُرهق. ومع ذلك، فهو ناقل لا يُصدّق للحداثة والتنمية وقبل كل شيء للتبادل والحوار والمشاركة.

وترى عضو البرلمان عن حزب الرئيس الفرنسي النهضة (الجمهورية إلى الأمام، سابقاً)، والتي تمثّل مواطنيها في الخارج، أن اللغة الفرنسية ليست فقط شأن الفرنسيين الذين يعتقدون أنهم يدافعون عن لغة مُهددة، بل هي شأن كل من يتقاسمونها في القارات الخمس، والذين يُثرونها ويُساهمون في إحيائها.

تفاؤل رغم التهديد

وفي مقابل تراجع مكانة اللغة الفرنسية في بعض الدول شمال أفريقيا بشكل خاص، تُشيد لاكرافي في حوار مع صحيفة "لو فيغارو" بجامعة سنجور في مدينة الإسكندرية بمصر، والتي اعتبرت أنها تمثّل حيوية الشباب ودوره في تطوير التعليم العالي، وتمثل دليلاً ملموساً للتآزر المحتمل داخل الفضاء الأفريقي الناطق بالفرنسية، وبوتقة تنصهر فيها المهارات والأفكار المبتكرة، وتقوم بتدريب طلابها من جميع أنحاء القارة للتكيف مع التحديات المعاصرة.

وتستبعد البرلمانية الفرنسية، على عكس المدافعين عن لغة موليير، أن أفريقيا الناطقة بالإنجليزية تشكل مساحة تهديد كبيرة للفرنسية، فالفرانكوفونية برأيها لا تدخل في معارك خلفية، ولكنّها على العكس من ذلك قادرة على أخذ مكانها بهدوء في فضاء العولمة، وذلك حتى عندما تبدو مكانة اللغة الفرنسية في التعليم العالي مهددة ومتنازعاً عليها في النقاش العام الرسمي والشعبي في بعض الدول، كما هو الحال في بعض الأحيان في منطقة المغرب العربي حيث يزداد حضور اللغة الإنجليزية.

وتؤكد لاكرافي أن هيبة الفرنسية تظل قوية، وتترجم ديناميكيتها إلى فرانكوفونية آخذة في التوسع، إذ تضم المنظمة 44 دولة عضو و27 دولة مراقبة، وهذه القائمة مستمرة في النمو. وبحلول عام 2030، سيتم تسجيل ما يقرب من 400 مليون طالب في التعليم العالي الضروري للعالم الناطق بالفرنسية.

وهي تشدّد على أن انتشار اللغة الفرنسية خارج الحدود التقليدية للفرنكوفونية، إنما يؤكد جاذبيتها، ويدل على أن الفرنسيين يواصلون إقامة روابط جديدة في جميع أنحاء العالم.