رجل يحمل لافتة كتب فيها "حرروا أفريقيا" في نيامي
رجل يحمل لافتة كتب فيها "حرروا أفريقيا" في نيامي
الجمعة 29 مارس 2024 / 14:17

لماذا يتزايد العداء لواشنطن في أفريقيا؟

عند عودته إلى أمريكا عام 2016، بعد 10 سنوات أمضاها في جنوب أفريقيا، كتب سكوت فيرسينغ، باحث أمريكي حاصل على الدكتوراه في العلاقات الدولية، والمرشح لمجلس النواب في ولاية تكساس خلال انتخابات العام الجاري، أن سردية "نهضة أفريقيا"، المرتبطة بالتنمية الاقتصادية والسياسية الحتمية، كانت مفرطة في التبسيط.

تكثف إيران مبيعاتها من الأسلحة في القارة


وأشار فيرسينغ إلى أن القارة الأفريقية واجهت عقبات، تتضمن، على سبيل المثال لا الحصر، الركود الاقتصادي والعنف الانتخابي والهجمات المتطرفة. و"لسوء الحظ، شهدنا ارتفاعاً كبيراً في الصراع والاضطرابات السياسية بعد مرور 8 سنوات تقريباً".

20 انتخاباً أفريقياً في 2024

ولفت الكاتب في مقاله الحالي بموقع "ناشونال إنترست" النظر إلى أنه سيتم إجراء أكثر من 20 عملية انتخابية في جميع أنحاء القارة في عام 2024. وينطوي التغيير السياسي على خطر انقلابات عسكرية وعنف سياسي.
وشهدت القارة انقلابات ومحاولات انقلاب في السنوات الأخيرة في كل من النيجر والغابون وغامبيا وغينيا بيساو وساو تومي وبرينسيبي. وقد سبق أن وقعت مثل هذه الاضطرابات السياسية في بلدان أفريقية أخرى، منها بوركينا فاسو ومالي والسودان. وكادت الاضطرابات تصل إلى السنغال، التي اعتبرت لفترة طويلة منارة أمريكا للديمقراطية في غرب أفريقيا، ولكن  الأمور سارت على ما يرام وجرت الانتخابات يوم الأحد، وأصبح لدى السنغال رئيس جديد منتخب، هو باسيرو ديوماي فاي، البالغ من العمر 44 عاماً.

 

 


وفي الوقت نفسه، ازدادت الزيارات الدبلوماسية الأمريكية الرسمية لأفريقيا. فكانت هناك زيارات عسكرية، مثل تلك للمغرب وجيبوتي وكينيا وأنغولا، فضلاً عن الجهود الدبلوماسية لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الأفريقية الوفيرة بالمعادن الحيوية.
ولم يكن الجميع سعداء بالزيارات الأمريكية، بما في ذلك المجلس العسكري الذي يسيطر على النيجر منذ يوليو (تموز) 2023، والذي أعلن عدم ترحيبه بالتعاون مع العسكريين والموظفين المدنيين الأمريكيين في بلادهم.
واعتبر الكاتب هذا الأمر ضربة كبيرة للعمليات الأمريكية في المنطقة، ولا سيما قاعدة الطائرات الأمريكية بدون طيار التي تبلغ تكلفتها 100 مليون دولار والمعروفة باسم "القاعدة الجوية 201"، والتي تم بناؤها بالقرب من أغاديز في وسط النيجر، والتي تساعد في استهداف الجماعات المتطرفة.

النشاط العدائي

وقال الكاتب: "رغم الانقلابات والصراعات ومع وجود الخلافات، فإن استمرار وجود الجيش الأمريكي في أفريقيا ليس خياراً بل ضرورة. ويدرك البنتاغون تماماً الديناميكيات الجيوسياسية المؤثرة، مثل تحالف النيجر الوثيق مع روسيا".
وأكد الكاتب أنه يتعين على واشنطن ضمان وجود بصمة أمريكية دائمة عبر المواقع الأفريقية الاستراتيجية. ويشمل ذلك الطرق البحرية الحيوية والمواقع العسكرية، بما في ذلك قاعدة الطائرات بدون طيار في النيجر، بالإضافة إلى مواقع أخرى مثل موقع الطوارئ جاروا في الكاميرون، ومعسكر ليمونير في جيبوتي، ودييغو غارسيا في المحيط الهندي.

 


وتتيح هذه المواقع الاستراتيجية استجابات سريعة للتهديدات الناشئة، ويمكن أن تساعد في حماية الأمريكيين أثناء الأزمات. وفي حين أن هذه القواعد لا تحتاج إلى أن تكون واسعة النطاق، فيجب أن تكون كبيرة بما يكفي لإيواء القوات الخاصة الأمريكية والمعدات اللازمة. وتتم إدارة معظم العمليات من قبل قيادة العمليات الخاصة المشتركة، التي تتكون من قوات أصغر، مثل "فريق سيل 5" التابع للبحرية، وقوة دلتا التابعة للجيش.

التدخل الروسي

وفي الوقت نفسه، تواصل روسيا التدخل في أفريقيا، كما فعلت على مدى عقود منذ الحرب الباردة. وتحرص موسكو على تحقيق الأرباح من خلال مبيعات الأسلحة. ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، تفوقت روسيا على الصين باعتبارها المورد الرئيسي للأسلحة إلى منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا بين عامي 2018 و2022.
وتنشر موسكو معداتها العسكرية في جميع أنحاء القارة، مع وجهات رئيسية بما في ذلك الجزائر وأنغولا ومصر والسودان. كما أصبح العالم على دراية بمجموعة فاغنر الروسية العام الماضي، وهناك صلة واضحة بين مبيعات الأسلحة الروسية في أفريقيا وعمليات قوة المرتزقة في جميع أنحاء أفريقيا.

أسلحة إيرانية

وتكثف إيران مبيعاتها من الأسلحة في القارة أيضاً. وزودت طهران إثيوبيا وجبهة البوليساريو في الصحراء الغربية بطائرات بدون طيار. ومن المعروف أن القوات الحكومية في دول مثل غينيا وساحل العاج وكينيا والسودان تستخدم الذخيرة الإيرانية.
وتراقب أمريكا أيضاً عن كثب النشاط الصيني. وتمتلك بكين قاعدة واحدة في القارة الأفريقية، تقع في جيبوتي، افتتحت عام 2017 بجوار القاعدة الأمريكية. وتشير التقارير الأخيرة إلى أن الغابون وغينيا الاستوائية عرضتا على بكين فرصاً للتواجد العسكري على طول ساحلهما الأطلسي.
وفي الوقت نفسه، تواصل أمريكا  مساعدة تسليح حلفائها الأفارقة على الرغم من بعض المخاوف التي أعرب عنها المشرعون الأمريكيون. وعلى سبيل المثال، أرادت الولايات المتحدة بيع 12 طائرة هليكوبتر هجومية من طراز AH-1Z Cobra لنيجيريا، مقابل ما يقرب من مليار دولار.
وفي عام 2023، أوقفت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب عملية البيع بسبب انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان من قبل الحكومة النيجيرية. ومع ذلك، وافق الكونغرس في نهاية المطاف على عملية البيع لأنها تساعد نيجيريا في مكافحة التمرد ضد جماعة بوكو حرام الإرهابية.

شركاء من أجل الازدهار

ونظراً لتصاعد الصراعات في جميع أنحاء العالم، يشدد الكاتب على ضرورة أن يحافظ البنتاغون على شراكاته مع الحلفاء الأفارقة لدرء التهديدات المستقبلية، والأهم من ذلك، ضمان حصول الأفارقة على أساس ملموس من الأمن والازدهار الاقتصادي.
ومع ذلك، يقول الكاتب إن هذا الأمر "يتطلب إجراء توازن دقيق. إن نفس التدريب والأسلحة الأمريكية، بغض النظر عن مسارها، يمكن أن يؤدي إلى انقلابات واضطرابات، مما يؤدي إلى تكرار الوضع في النيجر، حيث تفقد الولايات المتحدة شركاء على الرغم من استثماراتها".
ومع ذلك، يضيف الكاتب أن التطورات الأخيرة في أفريقيا ليست كلها سلبية، مشيراً إلى أن الدعم الأمريكي لقوات الدفاع الكينية حقق بعض النجاح. وكان لقوات الدفاع الكينية دور فعال في مهمة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال والقتال الشامل ضد حركة الشباب الإرهابية. وسمح الاستقرار الداخلي في كينيا لأكثر من 120 ألف مواطن أمريكي بزيارة البلاد سنوياً منذ عام 2022، مما يجعل أمريكا المصدر الرئيسي للسياح إلى كينيا.
إلى ذلك، تسعى كينيا ودول شرق أفريقيا الأخرى مثل إثيوبيا إلى التحول الاقتصادي من خلال التحول الرقمي أو زيادة التعاون. وعلى سبيل المثال، تهدف كينيا إلى تحديث ميناء لامو الساحلي لجعله مركزاً تجارياً إقليمياً. وهذا يرضي إثيوبيا، لأنهم يعتمدون على ميناء لامو لاستيراد السلع الحيوية إلى الداخل. إن التحسينات ثنائية أو متعددة الأطراف، سواء كانت اقتصادية أو غير ذلك، هي دائماً أخبار موضع ترحيب، وفق الكاتب.

أهمية الازدهار الأفريقي

وتابع الكاتب "سوف يشكل ازدهار أفريقيا أهمية بالغة مع استمرار العالم في الانكماش. أفريقيا لم تعد مكاناً بعيداً. ونتيجة لذلك، فإن بعض الأفارقة سوف يبذلون قصارى جهدهم للهجرة إلى أمريكا. ويهاجر البعض عبر القنوات القانونية أو يتقدمون بطلب اللجوء، بينما يختار البعض الآخر الطريق غير القانوني. يعد توفير ما يكفي من المال للسفر إلى أمريكا الوسطى ثم الدخول إلى أمريكا عبر الحدود البرية بين الولايات المتحدة والمكسيك وسيلة شائعة للدخول".
وفقاً لبيانات الحكومة الأمريكية التي حصلت عليها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تم القبض على 58462 أفريقياً على الحدود الجنوبية في عام 2023، وارتفع العدد من 13406 في عام 2022. وكانت أكبر الدول الأفريقية الممثلة هي موريتانيا بـ 15,263، والسنغال بـ 13,526، وأنغولا وغينيا بأكثر من 4000 لكل منهما.