الجمعة 19 أبريل 2024 / 08:58

"نتانياهو" هل يورط أمريكا في حرب مع إيران؟

بشرى فيصل السباعي - عكاظ

لماذا قامت إسرائيل بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق دون أي سبب ولا مبرر، ضاربةً عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدبلوماسية؟

 الجواب عن هذا السؤال يكمن في مطالعة مذكرات وتصريحات المطلعين على كواليس السياسة الأمريكية، الذين قالوا إن إسرائيل باستمرار -وبخاصة منذ أحداث 11 سبتمبر (أيلول)- تحرّض أمريكا على الدخول في حرب مع إيران، لأن إسرائيل ترى إيران التهديد الوحيد لوجودها، بالإضافة لدعم إيران للجماعات الفلسطينية المعارضة لاتفاقيات السلام مع إسرائيل، لكن فشل أمريكا في إدارة الأوضاع في العراق بعد غزوها له وتحوله لمفرخة للجماعات الإرهابية، التي هددت أمن الغرب، ألغى مخطط أمريكا في غزو الدول المناوئة لإسرائيل التي كان من ضمنها سوريا وإيران، وكادت إسرائيل تنجح في عهد ترامب لكنه تراجع عن الضربة العسكرية لإيران في آخر لحظة.

لكن بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عدم الاكتفاء برد انتقامي محدود والسعي لاجتثاث حركة حماس وداعمها الرئيسي النظام الإيراني، ولذا قامت بقصف القنصلية الإيرانية متأملةً أن تجبر تداعيات الحدث حليفتها أمريكا على الانخراط بمواجهة عسكرية مع إيران تؤدي لخلع النظام الإيراني، لكن باءت خطتها بالفشل لمّا قامت إيران بإعلام أمريكا مسبقاً بأن ردها على الضربة الإسرائيلية سيكون محدوداً، وأنها لن تنخرط في مواجهة مفتوحة أو حرب، فإسرائيل لم تحاول فقط استدراج إيران لمواجهة مفتوحة إنما الأهم أنها أرادت استدراج أمريكا للتورط بحرب مع ايران دفاعاً عن إسرائيل.؟

لكن عدم رغبة أمريكا وإيران في خوض حرب مفتوحة مع بعضهما أفشل الخطة الإسرائيلية لاستدراجهما للحرب، والتنسيق بين أمريكا وإيران وصل لدرجة أنه عندما قامت سابقاً أمريكا بقصف لأهداف موالية لإيران في العراق نسقت إيران مع أمريكا القيام برد انتقامي استعراضي، وأبلغت الأمريكيين بتفاصيله مسبقاً، فقام الأمريكيون بإخلاء المواقع التي ستستهدفها الضربات الإيرانية الانتقامية الاستعراضية، ولاحقاً تم تسريب تفاصيل هذا التنسيق المشترك للضربة الإيرانية الاستعراضية.

لكن إن كان لدى نتانياهو تصميم على إزالة الخطر الإيراني فسيكرر ضرب أهداف إيرانية ربما تصل إلى درجة ضرب أهداف داخل إيران، مع العلم أنه رغم الهجمات من الجماعات الموالية لإيران على إسرائيل فليس لدى إيران أي رغبة في خوض حرب مع إسرائيل، لأنها تعلم أنها ستكون حرباً مع أمريكا، وهناك تخوف لدى النظام الإيراني من أن تورطه في الحرب قد يتم استغلاله من قبل الجمهور الإيراني الذي خرج في هبات عدة للمظاهرات واسعة النطاق التي طالبت بخلع النظام القائم.

وعموماً سياسة استدراج إيران للحرب ليست في صالح نتانياهو، الذي يواجه معارضة واسعة النطاق قبل حتى عملية 7 أكتوبر(تشرين الأول)، بسبب قراراته التي اعتبرت مُخلة بأصول الديمقراطية مثل تعديلاته لنظام القضاء، وسيلومه الشعب الإسرائيلي على توريطه في مواجهة مع إيران بشكل لم يكن ضرورياً، وهذا الأمر الوحيد الذي ربما سيوقف محاولات نتانياهو استدراج إيران للحرب، فالشعب الإسرائيلي غير راغب في تلك الحرب ولا حتى الحرب ضد غزة، لأنه لا يحتمل التكلفة البشرية للحرب ومقتل أبنائه فيها، وهذا سبب كثافة استعانة إسرائيل بالمرتزقة الأجانب في حربها ضد غزة، فأعداد القتلى من الجانب الإسرائيلي أكبر بكثير مما يتم إعلانه، لكن بسبب أن كثيراً من القتلى هم مرتزقة لا يتم احتسابهم في الإعلان الرسمي لأعداد القتلى في الجانب الإسرائيلي.

وإن أصر نتانياهو على استدراج إيران للحرب ربما الضربة الإسرائيلية التالية ستكون داخل إيران، ويبقى أن عدم رغبة أمريكا خوض حرب جديدة سيفشل مخطط نتانياهو لتوريط أمريكا في حرب مع إيران.