مستشار الأمن الوطني الاإماراتي الشيخ طحنون بن زايد خلال توقيع الاتفاق بين G42  الإماراتية ومايكروسوفت.
مستشار الأمن الوطني الاإماراتي الشيخ طحنون بن زايد خلال توقيع الاتفاق بين G42 الإماراتية ومايكروسوفت.
الأربعاء 24 أبريل 2024 / 16:03

مايكروسوفت على الأراضي الإماراتية

بكلِّ ثقة، ودون أدنى مبالغة، أقول إننا نمتلك مستقبل التقنية في العالم، ولم يتحقق ذلك دون بذل الجهود المضنية التي تبذلها الإمارات قيادةً وشعباً.

ولسنا بحاجة إلى الخيال العلمي لكي نرى صورة المستقبل الذي نحثُّ الخطى نحوه، فكما حقَّقت الإمارات في فترة وجيزة مشروعات ثوريَّة تنموية لشعبها، وبلغت درجة عالية من الازدهار والتنافسيَّة، أصبحنا نستطيع أن نلامس سقف الأمل الذي تحققت رؤاه المستقبليَّة كما كان يريدها المؤسس الأول للإمارات، الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، والتي تحظى بها التجربة الإماراتيَّة في مجال صناعة المستقبل.

إن تقنيات الذكاء الاصطناعي بدأت تظهر على جميع مناحي الحياة، ما يدعونا لمواكبة الطفرة الرقمية، وهذا يحتاج إلى قيادات تُحدِث فارقاً في المفاهيم، وانقلاباً في الرؤى وخلق الأفكار الفارقة، وكان الأهم أن لدينا قادة حكماء يقهرون الصعاب ولا يستسلمون.
إننا بحاجة إلى أن نردم الهوة الاقتصادية الفاصلة والفجوة التقنية المتباطئة بين العرب والأمم المتحضرة؛ لأنه الهدف الوحيد الذي يُوحِّد الدول نحو المستقبل والتنمية، فالتأخُّر عن ركب التقدُّم في هذه المعركة ستكون تكلفته باهظة، وهذه هي مسؤولية الإمارات التي تنبع دائماً من قدَرِها ومقدارها بين دول المنطقة.
وقد نجحت الدبلوماسية الاقتصادية للإمارات في الحفاظ على قوة البيئة الاقتصادية، وجعلها أكثر جاهزية للتطور والإنتاج العالمي؛ ولهذا أعلنت كل من شركتي G42 الإماراتية المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، ومايكروسوفت عملاقة التكنولوجيا الأميركية، عن استثمار استراتيجي بقيمة 1.5 مليار دولار. وأكدت مايكروسوفت بأن هذا القرار لم يأتِ من فراغ، حيث أظهر مسح أجرته الشركة الأمريكية العام الماضي، أن التقدُّم كبير وملحوظ للمؤسَّسات الاقتصادية الإماراتية في استخدام وتبني حلول الذكاء الاصطناعي، بالمقارنة مع نظيراتها العالمية، كما أظهر المسح مدى جاهزية الشركات الإماراتية لاحتضان الذكاء الاصطناعي، بفضل الدعم والمساندة غير المحدودة التي تبذُلها الحكومة في ما يتعلق بالبنية التحتية، فهي خطوة مهمة لتوطين هذه الصناعة المهمة على الأراضي الإماراتية.
وإن الشركتين ستعملان معاً على نشر الذكاء الصناعي والبنية التحتية الرقمية والخدمات ذات الصلة التي تحتاجها دول المنطقة، وإن هذه الشراكة ستحفِّز القطاع التقني على إبراز مدى قوة ومتانة الاقتصاد الوطني، بما يضمن تطبيق أفضل الممارسات العالمية لضمان تطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة مختلفة، وبشكل مسؤول، وفي إطار الأمان، وبالتالي نستطيع أن نضع مقاييس النزاهة والالتزام بقوانين ولوائح التجارة والأمن لنُسخة الذكاء الصناعي؛ من أجل بيئة تنافسية وبنية تحتية رقمية شفافة.
إن هذا التفوُّق استثنائيٌّ بكل المقاييس، في منطقة يحيا شعوبها أوضاعاً غير مسبوقة من التراجع الحضاري، ومع ذلك فالتحدِّي تكلل بالنجاح، فاحتلَّ الاقتصاد الوطني مكاناً لائقاً به بين الأمم المتحضِّرة بعد انتصارنا لاستقطاب الاستثمارات مع كبرى الشركات العالمية.
هذا الحدث الكبير يعكس الموقع المتقدِّم لدولتنا لدى العالم، ما يجعله البلد العربي الأول المتأهِّل ليتبوأ مقعد الصدارة والريادة في المستقبل المنظور.
وإن هذا التعاون يمثل رافعة لاستنهاض الطاقات البشرية التنموية من خلال بناء القدرات الوطنية، وتعزيز ثقافة الابتكار والريادة والتميز العلمي في الإمارات، وإلهام الأجيال الشابة من الإماراتيين، وتشجيعهم على الإقبال على دراسة التخصصات العلمية، كالتكنولوجيا المتقدمة، ومجالات الذكاء الاصطناعي وتقنياته؛ كي ينضموا إلى مجتمع إماراتي علمي يشهد نموّاً متزايداً من العلماء والمهندسين والباحثين، والارتقاء بجهود الإمارات في مجال الاكتشافات العلمية، وتعزيز مساعي الدولة في تطوير منظومتها الاقتصادية وتنويعها، من خلال مبادرات ومشاريع استراتيجية تدعم توجهها نحو اقتصاد المعرفة الذي يُشكِّل عصب اقتصاد المستقبل، علاوة على ترسيخ مكانة الإمارات، باعتبارها الدولة الأكثر تقدُّماً وتطوُّراً في المنطقة في قطاع الصناعات التقنية.
ولا يخفى أن بناء شراكات دولية في القطاع التقني يسهم في تحقيق التصور التنموي للدولة؛ فقطار التميز والإبداع والابتكار يمرُّ بسرعة فائقة يسحقُ من لا ينظر إلى الأمام!!
إن مثل هذه الشراكات العملاقة تمثِّل فرصة ثمينة للترويج لسمعة الإمارات، وإبراز إرثها التنموي والحضاري، ما يُعزِّز من صورتها وبريقها الحضاري؛ فهنيئاً لنا بقادتنا الأفذاذ الذي أدركوا منذ البداية أن العلم وحده هو القاطرة التي يأتي خلفها كل شيء.