لافتات على أسوار جامعة كولومبيا تضامناً مع فلسطين (رويترز)
لافتات على أسوار جامعة كولومبيا تضامناً مع فلسطين (رويترز)
الخميس 25 أبريل 2024 / 22:16

الجامعات الأمريكية تواجه مطالب طلابها المؤيدين لفلسطين بـ"لا" مدوية

تتسع رقعة الاحتجاجات بين الطلاب الأمريكيين، فبعد أن بدأت في جامعة كولومبيا، انتقلت إلى جامعات أخرى، بنفس المطالب الداعية إلى وقف التعاون مع إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، حتى توقف حربها المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من 6 أشهر.

وجرى اعتقال مئات الطلاب المشاركين في تلك الاحتجاجات، واتهامهم من قبل المسؤولين الأمريكيين بمعاداة السامية، مع علوّ الدعوات المنادية بإقالة رؤساء الجامعات العاجزين عن وقف الفوضى، ومنع توسعها، في كل أنحاء الولايات المتحدة

الشرارة الأولى

وانطلقت التظاهرات من جامعة كولومبيا في نيويورك الأسبوع الماضي، وامتدت إلى ولايات أخرى من ماساتشوستس إلى تكساس إلى كاليفورنيا، حيث أقام الطلاب مخيمات وسط باحات الجامعات، وعطلوا العملية التعلمية، مقدمين مطالبهم مكتوبة على لافتات ترافقهم في تظاهراتهم، داعين إلى وقف حرب غزة، ووقف التعاون والتعامل بين جامعاتهم وإسرائيل. 

وأمهلت جامعة كولومبيا المتظاهرين حتى مساء اليوم الخميس لتفكيك أحد المعسكرات.

وأمس الأربعاء، قال مسؤولو إدارة شرطة لوس أنجليس إنه تم القبض على 93 شخصاً في جامعة جنوب كاليفورنيا التي أغلقت أبوابها حتى إشعار آخر.

اقتحامات واعتقالات 

وقامت شرطة بوسطن باقتحام معسكر تظاهر مؤيد للفلسطينيين في "إيمرسون كولدج" صباح اليوم الخميس، واعتقلت 108 أشخاص، استعداداً لمحاكمتهم، دون توجيه أي تهم لهم. 

وقال رئيس الكلية، غاي برنهاردت ومسؤولون آخرون في بيان أمس الأربعاء، "نشعر بقلق عميق من أن المتظاهرين يخاطرون بانتهاكهم للقوانين، ما يهدد بخروج التظاهرات عن السيطرة".
وأظهر مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي اشتباكات بين متظاهرين وشرطة بوسطن في أزقة المدينة. 

وفي جامعة تكساس في أوستن، ألقت السلطات الأمريكية القبض على 34 شخصاً، بينهم مصور في قناة فوكس نيوز. 

وقال حاكم الولاية غريغ أبوت، وهو جمهوري، على منصة إكس، "هؤلاء المتظاهرين مكانهم السجن"، مضيفاً أنه "يجب طرد الطلاب الذين ينضمون إلى ما وصفه بالاحتجاجات المعادية للسامية في الجامعات العامة". 

ونظم طلاب احتجاجات في جامعات أخرى، بينها براون وهارفارد، وأقاموا فيها معسكرات تضامناً مع زملائهم في الجامعات الأخرى.

وأكدت جامعة برينستون، أن معسكراً يضم حوالي 6 خيام تم إزالته طوعاً اليوم الخميس، بعد القبض على اثنين من طلاب الدراسات العليا بتهمة التعدي على ممتلكات الغير، ومنعهما من دخول الحرم الجامعي.
وفي جامعة كولومبيا، قالت الجامعة يوم الأربعاء، إن المناقشات بينها وبين والمتظاهرين مستمرة، وأن الطلاب المتظاهرين وافقوا على إزالة بعض خيامهم.

في السياق ذاته، طردت الشرطة صباح الخميس طلاباً من جامعة إيموري في أتلانتا في جنوب الولايات المتحدة.
ولكن بالرغم من ذلك، يشهد الحراك الجامعي توسّعاً، فقد أُنشئ في وقت مبكر الخميس مخيّم جديد في حرم جامعة جورج واشنطن في العاصمة، حيث من المقرّر تنظيم تظاهرة.
وتُظهر مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، تمثالاً لجورج واشنطن أول رئيس أمريكي، قد لُفّ بالعلم الفلسطيني حول جبهته. وعند أسفل التمثال، نصب المتظاهرون حوالى 10 خيام.

"معاداة السامية"

وظهر رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون، ووفد من المشرعين من الحزب الجمهوري يوم الأربعاء في حرم جامعة كولومبيا، حيث أدان الجمهوري "الكراهية المعادية للسامية والغوغاء". كما دعا رئيسة الجامعة نعمت شفيق إلى الاستقالة "إذا لم تتمكن من إعادة النظام على الفور". 
وواجهت شفيق استياء متزايداً بسبب طريقة تعاملها مع أزمة الحرم الجامعي. وقالت في رسالة، إنها تدعم حقوق المتظاهرين في حرية التعبير لكن المخيم أثار مخاوف تتعلق بالسلامة. وتم القبض على أكثر من 100 شخص في كولومبيا يوم الخميس الماضي، وهو اليوم الذي بدأت فيه المظاهرات.

لا مدوية 

وقد رد الجامعات، بما في ذلك جامعة كولومبيا وجامعة نيويورك وجامعة ييل، بـ "لا" مدوية على مطالب المتظاهرين، مما يشير إلى احتمالات ضئيلة للتوصل إلى حل سريع للمظاهرات التي قسمت الطلاب وأثارت اعتقالات جماعية.
وحتى الآن تبدي معظم الجامعات الأمريكية رفضاً قاطعاً لمطالب المتظاهرين الحالمين بتكرار ما حدث إبان المظاهرات المناهضة للفصل العنصري في جنوب إفريقيا خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، عندما نجح نشطاء في إجبار مؤسسات التعليم العالي داخل أمريكا على خفض تعاملها مع البيض العنصريين الذين كانوا يسيطرون على الحكم هناك. 
ودافع أولئك الطلاب الذين يطالبون بسحب الاستثمارات من إسرائيل هو الأخلاق، فهم يرون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية وتجبر الفلسطينيين على العيش في ظل شكل من أشكال الفصل العنصري. 

سابقة 

وتقول التقارير، حتى لو رضخت الجامعات لمطالب المتظاهرين، فإن سحب الاستثمارات من إسرائيل شأن قد يشكل سابقة في المؤسسات التي تهدف إلى تشجيع البحث الفكري والنقاش، بالإضافة إلى فرض تحديات عملية واقتصادية، وفق ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال". 
ويؤكد الرئيس السابق لنظام جامعة كاليفورنيا مارك يودوف، "من الصعب للغاية القيام بالأمر بأي نزاهة ودقة".
وتختلف متطلبات سحب الاستثمارات عبر الجامعات ويمكن أن تكون واسعة النطاق، وتستهدف العناصر الأساسية المربحة للمحافظ الاستثمارية المتنوعة.

وأصدر ائتلاف يعرف باسم "تصفية الفصل العنصري بجامعة كولومبيا" قائمة بالشركات التي يقول، إنها تستوفي معاييره الخاصة بسحب الاستثمارات، بما في ذلك شركة "Alphabet" المالكة لشركات غوغل وأمازون، ومايكروسوفت المتهمة بتقديم خدمات سحابية للحكومة الإسرائيلي والجيش، إضافة لشركات أخرى ضالعة في تسليح إسرائيل. 

وفي فبراير (شباط) الماضي، رفضت اللجنة التي تقدم المشورة لأمناء جامعة كولومبيا طلب سحب الاستثمارات من إسرائيل، قائلة إنه لا يوجد "إجماع واسع" حول هذه القضية في مجتمع الجامعة.

ويؤكد الخبراء، أن "سحب الاستثمارات يشكل مخاطرة كبيرة، فالعديد من الجامعات الأمريكية سبق لها أن خفضت تعاونها مع شركات الوقود الأحفوري، حارمة خزينتها من مصدر تمويل كبير، ما جعلها بحاجة ماسة لأي مصادر دخل أخرى تجنى معظمها من الاستثمارات التكنولوجية مثل تلك المشتركة مع إسرائيل". 

وانتقدت بعض الجماعات دعوات مقاطعة إسرائيل باعتبارها تفرض على الدولة العبرية معايير مزدوجة غير عادلة. وقال المؤتمر اليهودي العالمي، إن "إدانة إسرائيل بسبب انتهاكات حقوق الإنسان مع رفض انتقاد الأنظمة التي ترتكب انتهاكات أكبر أسوأ بكثير لحقوق الإنسان، وجريمة ترقى إلى مستوى معاداة السامية"، ومع ذلك، فإن بعض طلاب الجامعات الأمريكية يؤيدون فكرة سحب الاستثمارات كوسيلة للضغط على إسرائيل لوقف الحرب على غزة.