الخميس 9 مايو 2024 / 17:52

العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تواجه "نقطة تحول" تُنذر بالانهيار

 اختار الرئيس الأمريكي جو بايدن طريقة أكثر دراماتيكية لتوضيح موقفه للقادة الإسرائيليين، وتوقف عن إرسال القنابل، بعدما تجاهلوه طويلاً، ورفضوا التراجع عن العملية العسكرية في رفح.

مثل هذا الاتفاق قد يكون السبيل الوحيد لتجنب حدوث قطيعة


كان المقصود من قرار بايدن، بإيقاف تسليم 3500 قنبلة إلى إسرائيل مؤقتًا، إرسال إشارة قوية مفادها أن صبره له حدود. وبينما يصر على أن دعمه للدولة اليهودية لا يزال "صارماً"، اختار بايدن للمرة الأولى منذ اندلاع حرب غزة في الخريف الماضي استخدام سلطته، باعتباره المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل، لإظهار استيائه.


وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن وقف تسليم القنابل "نقطة تحول" مهمة في العلاقة التي دامت 76 عاماً بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي كانت تاريخياً واحدة من أقرب الشراكات الأمنية في العالم. لكنها قد لا تكون بالضرورة "نقطة الانهيار". ولا تزال إدارة بايدن تسمح بإرسال معظم الأسلحة الأخرى إلى إسرائيل، وفي الواقع أكد المسؤولون أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن القنابل، التي لا تزال في طي النسيان حاليًا.

التخلي عن غزو رفح


ويأمل بايدن في أن يدفع هذا التوقف الانتقائي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التخلي عن غزو رفح، جنوب مدينة غزة، حيث لجأ أكثر من مليون فلسطيني. وقد اعترض الرئيس الأمريكي على مثل هذه العملية، خوفاً من وقوع خسائر بشرية واسعة النطاق في صفوف المدنيين، بسبب القنابل الأمريكية. وقال يوم الأربعاء إنه سيمنع أيضًا تسليم قذائف المدفعية، التي يمكن إطلاقها على الأحياء الحضرية في رفح.

 

 



واعترف بايدن، بطريقة لم يفعلها إلا نادراً بأن القنابل الأمريكية قتلت فلسطينيين أبرياء، قائلاً: "لقد قُتل مدنيون في غزة نتيجة لتلك القنابل، والطرق الأخرى، التي يستهدفون بها المراكز السكانية".

مصدر خلاف حاد


وتشكل الخطط الإسرائيلية لاقتحام رفح مصدر خلاف حاد مع إدارة بايدن منذ أشهر. وبينما يعارض الأمريكيون مثل هذه العملية، يؤكد الإسرائيليون أنهم بحاجة للذهاب إلى رفح لإنهاء تدمير حماس، التي قتلت 1200 شخص في هجومها الإرهابي على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول).
ووصل النزاع إلى ذروته في الأيام الأخيرة عندما بدا نتانياهو وحكومته على وشك اتخاذ قرار بالتحرك ضد رفح، رغم اعتراضات الولايات المتحدة.
وقال مسؤولو الإدارة إنهم بدأوا الشهر الماضي مراجعة الأسلحة، التي يمكن استخدامها في العملية، وإن بايدن وقّع على حجز القنابل الأسبوع الماضي.

 


وقال كليف كوبشان، رئيس مجموعة أوراسيا، الذي عاد لتوه من رحلة إلى الشرق الأوسط إن "القرار يعني أن بايدن قرر استخدام تأثيره الوحيد للضغط على بيبي وهو حجب الأسلحة... إنها نقطة منخفضة بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تبدأ في وضع الأمن الإسرائيلي على المحك. ولم يكن أمام بايدن أي خيار. الحرب تشكل عائقاً لحملته الانتخابية، ولوحدة الحزب الديمقراطي، ولمكانة الولايات المتحدة في العالم".

إجلاء مدنيين


وكانت الإدارة تأمل أن يوجه وقف الأسلحة رسالة هادئة، ولم تعلنها علناً في البداية، لكن الإسرائيليين سربوها. وفي الأيام التي تلت القرار، أمرت إسرائيل بإجلاء 110 آلاف مدني في رفح، وشنت غارات جوية على أهداف على أطراف المدينة، وأرسلت دبابات واستولت على المعبر مع مصر. ورغم أن هذه التحركات وُصفت بأنها محدودة، وليست بداية الهجوم الموعود، إلا أنها دقّت ناقوس الخطر في البيت الأبيض.

ويبدو أن الإجراءات الإسرائيلية، التي جاءت جزئيا ردا على هجمات حماس الصاروخية، التي أسفرت عن مقتل 4 جنود إسرائيليين في نهاية الأسبوع الماضي، تهدف إلى مواصلة الضغط على حماس للموافقة على وقف مؤقت لإطلاق النار، مقابل إطلاق سراح بعض الرهائن.
وتقول "نيويورك تايمز" إنه لا يزال غير مؤكد ما إذا كان مثل هذا الاتفاق ممكناً. والتقى مدير وكالة المخابرات المركزية "سي آي إي" وليم بيرنز الذي شارك بعمق في المفاوضات، يوم الأربعاء، نتانياهو في القدس، حتى بينما كان مسؤولون آخرون يتشاورون في القاهرة، حول العروض المتنافسة من الجانبين.
وقال محللون إن التوصل إلى مثل هذا الاتفاق قد يكون السبيل الوحيد لتجنب حدوث قطيعة أكثر خطورة بين إسرائيل وإدارة بايدن.
وتشمل القنابل الـ 3500 التي تم حجزها الأسبوع الماضي ذخائر بوزن 2000 رطل و500 رطل. ولا تزال وزارة الخارجية تدرس أيضًا ما إذا كانت ستمضي قدمًا في تسليم مجموعات توجيه ذخائر الهجوم المباشر المشترك، التي يمكنها تحويل ما يسمى بالقنابل الغبية إلى أسلحة موجهة بدقة، ولكن لا شحنة وشيكة في الوقت الحالي. وفي الوقت نفسه، قال المسؤولون إنهم سيواصلون تقديم "كل دولار" من المساعدات المصرح بها في حزمة الكونغرس الجديدة.
وقال المحلل السيد كوبشان: "مسار العلاقة الأمريكية الإسرائيلية سوف سيتغير. إذا أذعن نتانياهو لموقف بايدن بشأن معبر رفح، فقد يكون ذلك مجرد خلاف مؤقت. ولكن إذا ظل الزعيمان في مواجهة، فقد يؤدي ذلك إلى قطع أوسع للأسلحة، وهو ما سيكون له تأثير أكثر استدامة".
وقال كوبشان إن "أساس العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل قوي للغاية، لدرجة أنه لن يتضرر بشكل كبير بسبب هذه الخطوة.. ومع ذلك، فإن المزيد من عمليات الحجز، على الرغم من أنها غير محتملة إلى حد كبير، إلا أنها ستكون قصة مختلفة".