رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أ ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أ ب)
الثلاثاء 14 مايو 2024 / 14:46

تزايد التأييد لإنهاء الحرب قد يجعل نتانياهو أكثر تهوراً

في 6 مايو (أيار)، أصدرت حماس بياناً قالت فيه إنها تقبل باقتراح وقف النار الذي قدمه الوسطاء القطريون والمصريون، واندلعت تظاهرات عفوية في تل أبيب وأنحاء أخرى من إسرائيل، يقودها أقارب الإسرائيليين الذين خطفتهم الحركة في 7 أكتوبر(تشرين الأول)، تدعو إلى القبول باتفاق تبادل الرهائن، وعند الساعة العاشرة من مساء يومذاك أتت أنباء من رفح تشير إلى أن الهجوم المنتظر منذ مدة والأكثر اثارة للخوف، قد بدأ.

وكتب الصحافي الإسرائيلي ميرون رابورت في صحيفة "غارديان" البريطانية، أنه باختصار، يعكس تسلسل هذه الأحداث تناقضاً في الموقف الذي وجدت إسرائيل نفسها فيه.

من جهة، هناك أصوات متصاعدة تقول إن الطريقة الوحيدة لاستعادة الرهائن تكمن في وقف الحرب، وهو مطلب كان من المحظورات حتى أسابيع خلت، ومن جهة ثانية، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، المتردد في وقف الحرب، يزعم بأن الطريقة الوحيدة لاستعادة الرهائن تكمن فقط عبر الضغط العسكري، في رفح وأماكن أخرى.
إن تغير المزاج، تدل عليه استطلاعات الرأي. ففي استطلاع نشرته القناة الـ11 العامة، قبل أسبوع من غزو رفح، تبين أن 47% من المستطلعين، يؤيدون وقف الحرب في مقابل استعادة الرهائن الإسرائيليين، بينما قالت نسبة 32% إنها تعارض ذلك.

وحتى بعدما رفض مجلس الحرب الإسرائيلي قبول الاتفاق- واعتبرته وسائل الإعلام الرئيسية خدعة- فإن نسبة 41% من الإسرائيليين قالت إنها تقبل به، بينما أعلنت نسبة 44% إنها ترفضه. 

هذه الأرقام مهمة لأن تأييد انهاء الحرب بالكاد كان يعتبر موقفاً شرعياً داخل إسرائيل.

وقلة من السياسيين أطلقت دعوات في هذا الصدد، بينما كانت مثل هذه الأصوات نادرة في وسائل الإعلام.

وخلال الأشهر الأولى من الحرب، لم يكن ثمة حاجة إلى استطلاعات لمعرفة أن الغالبية الساحقة من المجتمع الإسرائيلي-اليهودي تؤيد "سحق حماس".

عاملان أساسيان ساهما في التغيير

هناك عاملان أساسيان ساهما في هذا التغيير، الأول هو الادراك بأنه على رغم القوة العسكرية الهائلة التي أظهرتها إسرائيل في غزة، وعلى رغم مقتل أعداد هائلة من الفلسطينيين بما تجاوز الـ35 ألفاً، وعلى رغم الدمار الواسع في المساحات الحضرية من قطاع غزة، فإن حماس ليست في طريقها إلى رفع الراية البيضاء، وبأنها تواصل القتال وبانها استعادت سيطرة مدنية فاعلة على الكثير من المناطق التي انسحبت منها إسرائيل.
والأسبوع الماضي فقط، قتل خمسة جنود إسرائيليين في حي الزيتون بجنوب مدينة غزة، وهي منطقة سبق أن أعلن الجيش الإسرائيلي النصر فيها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وبينما لا يزال معظم الإسرائيليين يؤيدون "سحق" حماس، يبدو أن هذا الهدف أقل قابلية للتحقق.
والعامل الثاني، هو أن قضية الرهائن باتت أكثر أهمية. وبعد 220 يوماً من الحرب، نجح الجيش الإسرائيلي في تحرير ثلاثة رهائن فقط من أصل 240 خطفتهم حماس (هناك 104 رهائن تم اطلاقهم بصفقة تبادل، وهناك 5 أطلقتهم حماس من جانب واحد). 

ويشير الكاتب إلى عبارة أن "الضغط العسكري وحده" كفيل باطلاق الرهائن، التي تتردد مراراً وتكراراً على ألسنة السياسيين والجنرالات والمعلقين، تبدو أكثر فأكثر أشبه بكلمات جوفاء.

دور حاسم

ولعب أقارب الرهائن دوراً حاسماً في هذا التغيير الذي طرأ على الرأي العام. وبينما كانت التظاهرات التي تنظم في ساحة تل أبيب في الأسابيع الأولى للحرب يسودها الحزن والحداد، ففي الأشهر الأخيرة تحول الحزن إلى غضب وإلى اشارة واضحة لاتفاق وقف النار، في مقابل ما يبدو أنه جهود عبثية ولا نهاية لها لإلحاق الهزيمة بحماس.
ونتانياهو يدرك ذلك جيداً. وهو يقول إن السبب الرئيسي الذي حمله على غزو رفح، هو تدمير آخر أربع كتائب لحماس من أجل حملها على القبول باطلاق الرهائن. لكن إسرائيليين كثيرين لا يأخذون بهذا التفسير. ويعتقد كثيرون أن نتانياهو لا يريد إطلاق الرهائن وإنهاء الحرب، لأن إنهاء الحرب يعني إنهاء حكومته.
ومن الممكن أن يشكك المرء في أن الهدف الحقيقي لنتانياهو من وراء غزو رفح، هو وقف التحول في الرأي العام الإسرائيلي في ما يتعلق بانهاء الحرب. وعندما تدوي المدافع، ربما يعتقد رئيس الوزراء، أن الاحتجاجات ستصمت، خصوصاً في مجتمع عسكري مثل إسرائيل. ومع ذلك، فإن نتانياهو من الممكن أن يجد بأن الفلسطينيين ليسوا هم من يقاومون خططه، بل الإسرائيليين.