السبت 1 نوفمبر 2014 / 17:59

لوفيغارو: الوجه المُرعب للجهاد الفرنسي في صفوف داعش

كيف ومتى وأين تجند الحركات الجهادية المتطرفة أعوانها في فرنسا، وفي أوروبا بشكل عام؟ صحيفة لوفيغارو الفرنسية نشرت السبت تقريراً مطولاً بعد يومين من ملتقى مغلق أقيم في باريس بمشاركة 60 خبيراً من مختلف التخصصات في فرنسا، وتحت إشراف المخابرات الداخلية الفرنسية، للتعرف على طرق التجنيد والفضاءات المناسبة لدعاة وموفدي الحركات الجهادية في سوريا والعراق.

قسم كبير من الجهاديين الفرنسيين فشلوا في الالتحاق بقوات الشرطة أو الجيش

وقالت الصحيفة إن الهدف المُعلن من هذا اللقاء الأول من نوعه، كان التوصل إلى تشخيص سريع للتهديدات الجديدة التي تعصف بالمجتمع، الفرنسي وبسائر الدول الأوروبية القريبة والمشابهة، بسبب القدرات الكبيرة التي أصبحت تتمتع بها الحركات الجهادية وخاصة داعش، وسهولة تسللها واندساسها وانخراطها في الحياة العامة في أوروبا، ما استدعى التسريع بوضع خطة وطنية لمكافحة الظاهرة المتزايدة.

55 % من الجهاديين غير مسلمين أوعربٍ
وأشارت الصحيفة نقلاً عن رئيس "اللجنة الوزارية الفرنسية للوقاية من التطرف"، يشترك المرشحون للحاق بالحركات المتطرفة في عدة ميزات "أولها الوسط الاجتماعي الذي يراوح بين المتوسط والمرتفع، في نظرة جديدة تكشف خطأ التشخيص السابق الذي كان يؤكد أن أغلبية المتطرفين ينحدرون من وسط اجتماعي متدنٍ ويعاني مشكلات اقتصادية واجتماعية خانقة".

أما النقطة الأساسية الثانية حسب الخبير، فتتمثل في الأصل العرقي لهذه العينة، من ذلك أن"55% من الجهاديين الفرنسيين الذين تحولوا إلى سوريا والعراق، ليسوا عرباً ومسلمين في الأساس، بل هم أوروبيون ولا علاقة لهم بالثقافة العربية الإسلامية".

إلى جانب "المتدينين" التقليديين المرشحين أكثر من غيرهم للسقوط في فخ التطرف لعوامل لا تبدو مفهومة بعد، يؤكد خبراء مكافحة الإرهاب كما قالت لوفيغارو، أن قسماً كبيراً "من المجندين في صفوف التنظيمات الجهادية، عانوا فشلاً سابقاً بعد سقوطهم في الاختبارات النفسية والفنية الضرورية للالتحاق بقوات الشرطة والجيش في فرنسا".

ولكن ذلك لا يعني كلّ شيء، حسب الصحيفة من ذلك أن بعض الملتحقين بصفوف داعش مثلاً، يُعدون استثناءات خارقة "مثل تلك المراهقة اليهودية التي لم تتجاوز 14 سنة من العمر، والتي فاجأت أهلها بإسلامها قبل 3 أشهر من التحاقها بالجهاديين"، ما يطرح على المختصين أسئلة وتحديات جدية جديدة، بعد تداخل التجنيد بالدعاية وغسيل الأدمغة عن طريق ألعاب الفيديو والدعاية على الشبكات وصفحات التواصل وغيرها.

وتُضيف الصحيفة: "إذا كانت العوامل النفسية والاجتماعية من أهم المحاور التي يعمل عليها الخبراء والمختصون، لا يجب كذلك إغفال عناصر هامة أخرى، مثل الجانب المادي، والتعطش الشخصي لمجد زائف وشاذ"، وتنقل الصحيفة عن ضابط مخابرات قوله:" يلخص عدد من الجهاديين الشباب العائدين أو الذين قُبض عليهم قبل الرحيل إلى سوريا، إصرارهم على السفر إلى سوريا والقتال في صفوف داعش بكلمات تجمد الدماء في العروق، إذ يختزلون سلوكهم في الرغبة في قتال بشار، المستبد الدموي، والانخراط في لعبة الحرب باستعمال سيارات رباعية الدفع". وذلك إلى جانب الراتب المحترم الذي يوفره تنظيم داعش للمتطوعين الأوروبين والذي يبلغ 700 يورو، شهرياً بفضل موارده المالية الضخمة".

حذر وتحوط ومباريات رؤوس
ويضيف خبير آخر يعمل في السلك الدبلوماسي:"يعمد عدد متزايد من الجهاديين الفرنسيين قبل دخول سوريا، إلى الاتصال بمصالح أقرب قنصلية فرنسية، وذلك من باب الاحتياط والحذر، ولتفادي عواقب وخيمة في حال فشل مغامرتهم الداعشية"، وبعد خروجهم من البعثة الفرنسية، يلتحقون بداعش للمشاركة في "الصلب وقطع الرؤوس وحتى في مباريات كرة القدم باعتماد رؤوس الضحايا".

وإذا كانت الأمثلة والروايات التي تعرض لها المراقبون الفرنسيون في هذا الملتقى كثيرة، فإن بعضها يشرح إلى حدّ ما كيف يصعب على الفرنسيين الذين يحاولون الهرب من التنظيم بعد اكتشاف حقيقة الجهاد الذي يخوضه في سوريا والعراق، وتنقل الصحيفة في هذا الإطار قصة شابين صديقين التحقا معاً بالتنظيم بعد سلسلة طويلة من المحاولات وبعد تدريب سريع لم يتجاوز نصف يوم.

وبعد الوصول إلى سوريا، والتحاقهما بالوحدات المقاتلة، أصيب الأول إصابة مباشرة في رأسه فسقط صريعاً، الأمر الذي أثار مخاوف صديقه الناجي، فبادر الأخير بالاتصال بأمير وحدته، ليُطلعه على رغبته في ترك القتال، فما كان من الأمير إلاّ أن ذبحه بنفسه وألقى جثته إلى جانب صديقه.

إرهاب يساري ونساء متعة
وحسب خبراء اتصلت بهم الصحيفة تعتمد المنظمات المتطرفة وخاصة داعش التكتيكات التي كانت معتمدة في السبعينات من قبل المنظمات اليسارية المتطرفة سواء في العالم العربي، أو في أوروبا نفسها، ويقوم التكتيك المعتمد على إجبار المجندين على القتل لإثبات التزامهم ووفائهم للتنظيم.

ولا يتوقف التجنيد على الذكور وحدهم ، فللإناث أيضاً حظ ونصيب كبير من الإرهاب، فهن أساساً "سلعة جنسية" عند الحاجة قابلات للاغتصاب حيناً وللزواج القسري أحياناً أخرى، ويمثل الحمل أفضل طريقة لضمان وفائهن وعدم تفكيرهن في مغادرة التنظيم، ما يضمن للمقاتلين التمتع بهن في أي وقت يرغبون فيه، خاصة بعد الغزوات "أو ما يعرف براحة المحارب" .

وحسب الصحيفة التحقت 85 شابة فرنسية بداعش، ولم تعد أي منهن، إلى بلادها إما بسبب الموت أو لأسباب أخرى مختلفة.

سقوط المساجد
ويحذر تقرير الصحيفة استناداً إلى خبراء فرنسيين وباحثين من استحواذ المتطرفين السلفيين على المساجد في فرنسا التي تحولت إلى موطن التجنيد الأول والأفضل حسب قولها، واستناداً إلى بعض الخبراء، تؤكد الصحيفة أن العملية الإرهابية الأخيرة التي شهدتها أوتاوا، تكشف خطورة الاكتفاء بمنع الجهاديين من اللحاق بسوريا والعراق، ما يجعل منهم قنابل قابلة للانفجار في أي لحظة، إذا لم يترافق ذلك مع إجراءات حاسمة أخرى.

ويشير خبراء شاركوا في الملتقى إلى أن المساجد الصغيرة التي تعج بالشباب المحبط، أو التي تشهد ارتياد ممنوعين من السفر إلى الخارج، مثل المتطرف الكندي الذي تضافر الشعور بالاضطهاد لديه مع مشاكله النفسية إلى جانب تشدده الديني الجديد، في ارتكابه جريمة البرلمان الكندي، وذلك بعد سيطرة شبان وأئمة جدد، تشبعوا بالمناهج القيم المتطرفة والنظرة المتشددة للإسلام بعد زيارة إلى هذه الدولة أو تلك وبعد إقصاء الأئمة السابقين المتهمين بالولاء والتعامل مع دولة كافرة.

تجارة حلال بـ5 مليار يورو
ولكن المساجد ليست المجال الوحيد الذي سقط في يد المتطرفين والذي تسعى الحركات الجهادية لاحتكاره، إذ تشكل "التجارة الحلال" مجالاً شبه مقصور عليها، باسم عدم التدخل الدولة في الشؤون الدينية لمواطنيها، ما يسهل للحركات المتطرفة الوصول وبسهولة إلى قطاع يدر إيرادات لا تقل عن 5 مليارات يورو سنوياً، وحسب الخبراء، فإن قسماً غير معروف من هذا المبلغ ينتهي إلى خارج فرنسا، وفي أحيان كثيرة في المناطق المشتعلة مثل سوريا أو العراق أو غيرها من الدول.