أحد الضباط يشرح لرئيس الحكومة الإجراءات الأمنية المتخذة استعداداً للألعاب الأولمبية
أحد الضباط يشرح لرئيس الحكومة الإجراءات الأمنية المتخذة استعداداً للألعاب الأولمبية
الجمعة 29 مارس 2024 / 10:53

هؤلاء الإرهابيون يُهددون فرنسا خلال الألعاب الأولمبية

تأخذ الحكومة الفرنسية التهديدات الإرهابية التي طالت في الأيام الأخيرة ما يقرب من 130 مؤسسة تعليمية، حسب وزارة التربية الوطنية، على محمل الجد، حيث تمّ استهداف تلك المدارس بتهديدات بشنّ هجمات و"أعمال خبيثة"، عبر منصّات العمل الرقمية، التي تربط بين المعلمين والطلاب وأولياء أمورهم.

ويأتي ذلك بينما تتزايد المخاوف في فرنسا قبل انطلاق الألعاب الأولمبية الصيف المقبل، خاصة بعد الهجوم الإرهابي الذي شهدته موسكو الجمعة الماضي.

ويرى محللون سياسيون أن يوم افتتاح أولمبياد باريس 2024 سيكون الفرصة المثالية لجميع أعداء فرنسا والدول الغربية لارتكاب هجمات إرهابية. وهو ما دفع الحكومة لرفع الخطة الخاصة بمنع وقوع الإرهاب إلى مستوى "هجوم طارئ"، وهو الدرجة الأعلى.

وعادة ما يتم خفض حالة التأهب القصوى بعد 3 أشهر إلا أنه يبدو أن هذه الحالة سيتم تمديدها إلى ما بعد انتهاء الألعاب الأولمبية. وبحسب رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال، فقد تمّ إحباط 45 هجوماً إرهابياً منذ عام 2017 في فرنسا، بما في ذلك إفشال هجومين كبيرين في العام 2024.

كما تمت إعادة 760 أجنبياً مُتطرّفاً إلى بلادهم، منهم عدد من الدعاة الدينيين المُتشددين الذين حرّضوا على العنف والإرهاب، وينتمون في غالبيتهم لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.

من جهتها تُشير  المدير العام للمديرية العامة للأمن والاستخبارات سيلين بيرثون، إلى أن الخطر الإرهابي "في ارتفاع منذ ما يزيد قليلاً عن عام".

وشدّدت على أنه "يجب ألا نغفل عن عودة التهديد المُرتبط بالمسارح الخارجية في سياق جيوسياسي متوتر وخاصة من قبل المنظمات الإرهابية المعروفة التي تستهدف الغرب".

وبعد أن زاد تنظيم داعش في خراسان من إرهابه الذي قام بتوثيقه عبر أجهزة الدعاية التابعة له، وبعيداً عن الخلافات مع روسيا، فإن الملاحظة واضحة جداً بالنسبة لمجتمع الاستخبارات في فرنسا، وهي أن الإخوان وتنظيم داعش جماعات إرهابية لها مؤيدون في كل مكان.

المراهقون ودعاية الإخوان والإسلام السياسي

وتعتبر أجهزة الأمن الفرنسية أن المُراهقين الذين تشبّعوا دعاية تنظيم داعش الإرهابي عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وكافة تيارات الإسلام السياسي وخاصة تنظيم الإخوان الذي يُعتبر أساس كافة التنظيمات الإرهابية، قد سئموا تكرار الشعارات التحريضية بدون فعل، وأصبح بإمكانهم التحوّل بسرعة كبيرة من التهديدات الإلكترونية إلى ميدان العمل الإرهابي الواقعي، ويكمن خطرهم في أنه لا يُمكن توقّع خططهم، فضلاً عن إفراطهم في التشدد والعنف.

يشار إلى أنه في القرن الماضي في أفغانستان وفي العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين في سوريا، اجتمع المتطرفون الشباب الناطقون بالفرنسية معاً من خلال التقارب الأيديولوجي ولمصالح عملية واضحة وقاموا بأعمال قتالية عنيفة جداً.

وقد سلّطت سلسلة الاعتقالات التي حدثت مؤخراً لإرهابيين ناطقين بالفرنسية، الضوء على أن الزمن قد تغيّر، فقد أفسح المحاربون القدامى المجال أمام المراهقين المُتحصّنين في غرفهم للدردشة مع الغرباء عبر أنظمة الرسائل المشفرة، وهم يستعدون ربّما لشنّ هجمات إرهابية حينما تحين الفرصة والظروف، والتي ربما تكون أنسبها الألعاب الأولمبية القريبة.

يذكر أنه في شهر مارس (آذار) الحالي تمّ اعتقال 11 شاباً متطرّفاً ناطقاً بالفرنسية، من بينهم 10 قاصرين (4 في بلجيكا، 3 في فرنسا، 3 في سويسرا) إضافة لشاب فرنسي في عمر 18 سنة، وهي قائمة أولية تظهر مرة أخرى التهديد الإسلاموي القادم لفرنسا وأوروبا.

الرياضات القتالية تحت أعين أجهزة المخابرات

وتكشف مصادر إعلامية نقلاً عن أجهزة الأمن أن العديد من الإرهابيين ماهرون في ممارسة بعض الرياضات القتالية التي تُعتبر مصادر خطر لهذه الأسباب، ومنها الملاكمة والمصارعة والفنون القتالية التقليدية الأخرى.

ومن هنا تبرز ظاهرة أن الإرهاب والأنشطة البدنية يسيران جنباً إلى جنب بشكل متوافق، وذلك كما ظهر مرة أخرى من خلال الهجوم الذي وقع في أراس (باس دو كاليه) في 13 أكتوبر (تشرين الأول)، إذ تبيّن أن الإرهابي الشيشاني محمد موغوشكوف، قاتل المدرس دومينيك برنارد، كان ملاكماً هاوياً وشارك في مسابقات رياضية، وذلك تماماً مثل شقيقه موفسار، المسجون في قضية إرهابية أخرى.

ولسنوات عديدة، اعتُبرت الرياضات القتالية "مُعرّضة لخطر التطرف".

وتهتم أجهزة المخابرات الفرنسية بشكل خاص بالشباب المُتطرّفين من مجتمع شمال القوقاز (أديغيا، داغستان، ستافروبول كراي، الشيشان، قراتشاي- تشيركيسيا وقبردينو- بلقاريا).

كما سبق لأجهزة الأمن الداخلي الفرنسي أن اعتقلت قبل عامين 7 شباب متطرفين كانوا يُحضّرون للقيام بعمليات إرهابية في مدينة ستراسبورغ يحملون الجنسيتين الروسية والطاجيكستانية.

التهديد الإسلاموي الأخطر لكنّه ليس الوحيد

وبينما يُطمئن قائد شرطة باريس، لوران نونيز، الشعب الفرنسي بأنه "ليس لدينا أي تهديد إسلاموي معروف"، مع بقائه حذراً للغاية، تكشف مصادر رسمية بالمقابل أن التهديد الإسلاموي ليس هو التهديد الوحيد الذي تمّ تحديده في فرنسا، إذ هناك تهديدات من اليسار المتطرف، ومن اليمين المتطرف، بل هناك أيضاً تهديد من دعاة حماية البيئة المتطرفين، والذين أعلنوا بالفعل أنهم سوف يرتكبون بعض الجرائم المشروعة برأيهم خلال الألعاب الأولمبية منها أعمال العصيان المدني والاحتجاجات وقطع الطرق، وبما يهيّى الظروف ربما لآخرين لارتكاب أعمال عنيفة وخطرة.

ولكن الخبير في الأمن الداخلي إريك ديلبيك، يرى أن الجماعات الإسلاموية تريد أن تُظهر أنها قادرة على ضرب أي مكان وفي أي وقت، محذّراً من أن فرنسا غارقة اليوم في التهديد الدائم من قبل الجهات الفاعلة التي تُهيئ العقول للتحوّل إلى العنف.