مجسم لصاروخ في قلب طهران
مجسم لصاروخ في قلب طهران
الثلاثاء 16 أبريل 2024 / 15:51

هل يدفع الهجوم الإيراني على إسرائيل إلى تصعيد؟

قال دانيال ر. دي بيتريس، زميل في مركز "ديفنس برايورتيز" البحثي الأمريكي، إن رد إيران على إسرائيل كان حتمياً منذ لحظة قصف الطائرات الإسرائيلية للمنشأة الدبلوماسية الإيرانية في قلب دمشق في الأول من أبريل (نيسان) الماضي.

كان الحظ حليفاً للقوات الأمريكية في العراق وسوريا

وأشارت القيادة السياسية والدينية الإيرانية إلى الرد فور وقوع الضربة الإسرائيلية.

ووصف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الهجوم بأنه "جريمة تنمُّ عن الجُبن والخسّة، لن تمر مرور الكرام"، وفي خطابه الأسبوعي، أعلن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أن إسرائيل "ستُعاقَب".
وأخذت إدارة بايدن كلمات خامنئي على محمل الجد، إذ أمرَ بايدن موظفي الحكومة الأمريكية في إسرائيل بالبقاء في المدن الرئيسة، وأجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اتصالات لحث إيران على الحد من التصعيد، وأعادت وزارة الدفاع الأمريكية نشر مدمرتين تابعتين للبحرية الأمريكية في المياه الإقليمية، حيث تحمل إحداهما على الأقل نظاماً متطوراً للدفاع الصاروخي.

الوضع الإقليمي يزداد توتراً

وقال الكاتب في مقاله بموقع شبكة "إم إس إن بي سي" الإخبارية الأمريكية: لم يكن السؤال أبداً يتعلق بما إذا كانت إيران سترد، بل كيف سترد؟ والآن نعلم أن إيران أطلقت أكثر من 100 طائرة مسيرة وصاروخ على إسرائيل.
على أي حال، يضيف الكاتب، فإن الوضع الإقليمي المتوتر يزداد توتراً. ويتعين على قادة إسرائيل والولايات المتحدة الآن أن يزنوا مخاطر وفوائد الرد الإسرائيلي المضاد، وإذا نالت الضربات المضادة الموافقة، فسيحتاج قادة البلدين إلى تحديد المدة التي سيتحملون فيها دوامة تصعيد خطيرة. 

وتابع الكاتب "هذا ليس بالسيناريو المحدود التكلفة للولايات المتحدة. فهناك عشرات الآلاف من القوات الأمريكية المتمركزة في الشرق الأوسط، وكل هذه القوات تقع ضمن مدى صواريخ إيران أو هجمات وكلائها، وستشكل المنشآت العسكرية الأمريكية في المنطقة أهدافاً مغرية في حالة نشوب صراع إقليمي مُلتهب، ولن يكون أي عدد من أنظمة الدفاع الجوي قادراً على إسقاط كل مقذوف".
وفي يناير (كانون الثاني) 2020، عندما اغتالت إدارة ترامب الجنرال قاسم سليماني في العراق، انتظرت إيران 5 أيام قبل تحديد ردها، وأطلقت 12 صاروخاً باليستياً على منشأتين عسكريتين أمريكيتين في العراق، وهذه المرة، استغرق الأمر من إيران وقتاً أطول، إذ تداولت الخيارات المتاحة لها على مدار أسبوعين.

بين الرمزية والتصعيد

وليس من الصعب معرفة السبب، يقول الكاتب، فقد كان لدى إيران عدد من الخيارات على الطاولة، تتراوح بين الرمزية والتصعيدية.

على سبيل المثال، كان بإمكان الإيرانيين الاستفادة من شبكة وكلائهم في الشرق الأوسط كما فعلوا في كثير من الأحيان ضد إسرائيل والجنود الأمريكيين في الماضي. 

وأضاف الباحث أن الجيش الإيراني النظامي ضعيف بالمقارنة بالمعايير الأمريكية والإسرائيلية، لكن لا يزال بإمكان إيران إلحاق أضرار جسيمة بفضل علاقاتها الاستراتيجية بجهات فاعلة غير حكومية مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات في العراق وسوريا.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، لقي ثلاثة جنود أمريكيين مصرعهم في شمال شرق الأردن بعد أن شنّت ميليشيات مرتبطة بإيران ضربة بطائرة مسيرة على قاعدة أمريكية هناك.
وكخيار بديل، كان بإمكان إيران تكليف جهاز استخباراتها بمهاجمة المنشآت الدبلوماسية الإسرائيلية أو الدبلوماسيين الإسرائيليين في الخارج، وهو ما حاولت أن تنجزه في أذربيجان والهند وتايلاند وجورجيا منذ أكثر من عقد كامل.

وكانت الضربة الإيرانية على الأراضي الإسرائيلية الخيار الأشد قسوة، كما أنها غير مسبوقة، إذ لم تأذن إيران من قبل بهجومٍ مباشر على إسرائيل من أراضيها، ناهيك عن هجوم يشمل وابلاً من الطائرات المسيرة.

خيار خامنئي الوحيد

وأوضح الكاتب أنه لم يكن أمام خامنئي خيار سوى الرد بعد هجوم إسرائيل الجريء، فمن وجهة نظره، الاكتفاء بالرد المتواضع أو عدم الرد على الإطلاق سيُظهِر الحكومة الإيرانية بمظهر الضعف، وقد يُشجع إسرائيل على تنفيذ المزيد من عمليات الاغتيال الاستهدافية ضد أهداف إيرانية رفيعة المستوى في المستقبل.
ولكن من ناحية أخرى، فإن المبالغة في الرد تُعرِّض إيران لردود فعل عنيفة وعمليات انتقامية إسرائيلية مُدمرة.
والحقيقة أنه إذا أدى هجوم طهران إلى تحركات عسكرية إسرائيلية أقوى داخل إيران، فما الفائدة المرجوة إذن؟ يتساءل الباحث. 

الآن لدى إسرائيل الخيار. ففي يوم الخميس الموافق 11 أبريل (نيسان)، صرَّحَ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للطيارين الإسرائيليين بأن إسرائيل مستعدة للحرب "إذا لزم الأمر".

وكذلك صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قائلاً: "إننا مستعدون للدفاع عن أنفسنا أرضاً وجواً، وبتعاون وثيق مع شركائنا، وسنعرف كيف نرد".
من وجهة نظر واشنطن، فإن هجوم إيران على إسرائيل غير مقبول على الإطلاق.

وقد يزداد إحباط الرئيس جو بايدن من سياسة نتانياهو في غزة، إلا أنه أوضح أن الولايات المتحدة تقف مع إسرائيل بشكل لا لبس فيه في حالة حدوث عدوان إيراني.
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الشيء نفسه لوزير الدفاع الإسرائيلي خلال اتصال هاتفي في 11 أبريل (نيسان) الماضي، مؤكداً أن إسرائيل يمكنها الاعتماد على "دعم أمريكي كامل".

ولم يتضح بعد ما يعنيه ذلك بالضبط، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى إسرائيل في عملية عسكرية افتراضية ضد إيران. 

نتانياهو والقرارات المصيرية

وأفاد الكاتب بأن أمام نتانياهو قرارات مصيرية يتعين عليه اتخاذها، والأمر نفسه ينطبق على بايدن.

ستدعم أمريكا بشكل غريزي بعد هذا الحادث نتانياهو دون قيد أو شرط إذا قرر فعلاً ضرب الأراضي الإيرانية.
لكن في هذه الحالة، سيكون دعمه لإسرائيل خاطئاً، ليس لأن التحرك الإسرائيلي غير مبرر، بل لأنه يحمل في طياته احتمالات التعجيل باندلاع نفس الحرب الإقليمية التي يسعى بايدن إلى تجنبها.
واختتم الباحث مقاله بالقول: "كان الحظ حليفاً للقوات الأمريكية في العراق وسوريا، إذ شهدت انحساراً في عدد الهجمات الصاروخية للميليشيات وضربات طائراتها المسيرة لمواقعها لمدة شهرين. ومع ذلك، في خضم حرب أوسع نطاقاً، قد ينهار وقف إطلاق النار غير الرسمي هذا".