دبابة إسرائيلية
دبابة إسرائيلية
الأربعاء 17 أبريل 2024 / 11:11

إيران وإسرائيل.. الحرب الباردة تتحول إلى ساخنة

كتب النائب الأول لرئيس مجلس السياسة الخارجية الأمريكية إيلان بيرمان أن أي مراقب جاد لشؤون الشرق الأوسط يدرك أن إسرائيل كانت، وقبل فترة طويلة من هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التي تلتها، متورطة في حرب غير معلنة مع لاعب إقليمي آخر: إيران.

التقاعس عن التحرك سيكرس وضعاً راهناً جديداً خطيراً في المنطقة

وأوضح بيرمان في مقال نشرته مجلة "ناشونال إنترست" أن إسرائيل وإيران تخوضان صراعاً سرياً في جميع أنحاء المنطقة منذ عقود.

وعلى مر السنين، استلزمت "حرب الظل" أشياء عدة عظيمة، من العمل السري مروراً بالهجمات السيبرانية وصولاً إلى الضربات العسكرية المحددة، لكن حتى الآن، تم شن هذه الحرب بشكل غير مباشر وبعيداً إلى حد كبير من الأضواء الدولية.

وتغير كل ذلك في 13 أبريل (نيسان)، عندما شن النظام الإيراني من أراضيه وللمرة الأولى هجوماً مباشراً على الدولة اليهودية، وكان الهجوم الضخم الذي شمل 170 طائرة بدون طيار و30 صاروخ كروز و120 صاروخاً باليستياً رداً ظاهرياً على غارة جوية إسرائيلية ضد دمشق أدت إلى مقتل جنرال إيراني رفيع المستوى، لكنه كان أيضاً تطوراً بارزاً في الاستراتيجية الإيرانية له تداعيات كبيرة على الشرق الأوسط ككل.

أسباب التحول الزلزالي

تاريخياً، نأى النظام الإيراني بنفسه بعيداً عن المواجهة المباشرة، وفضل بدلاً من ذلك الاعتماد على وكلاء إقليميين مثل حماس وحزب الله ومؤخراً المتمردين الحوثيين لتعزيز أجندته المتطرفة المناهضة للغرب.

ومن خلال ذلك، تمكنت إيران من محاصرة إسرائيل استراتيجياً مع الحفاظ على مقدار معقول من القدرة على الإنكار.

ولا يقل الهجوم المباشر في نهاية الأسبوع الماضي عن تحول استراتيجي زلزالي بحسب بيرمان. 

ويمكن أن تعزى جرأة إيران الجديدة إلى عوامل عدة، الأول هو تبني إدارة بايدن النهج الخجول والمتجنب للمخاطرة في التعامل مع الشرق الأوسط والذي أعطى الإيرانيين يداً أكثر حرية بكثير في المنطقة.

ومن الأمور المرتبطة أيضاً بهذه الجرأة التوترات العلنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن سلوك الأخيرة في غزة، مما دفع الكثيرين إلى استنتاج أن "العلاقة الخاصة" الطويلة الأمد بين البلدين قد تكون في ورطة، ويبدو أن هذه العوامل وغيرها أقنعت طهران بأن الوقت قد حان لتغيير الوضع الراهن في المنطقة.

نية النظام الأساسية

مع ذلك، لم يأتِ الهجوم الإيراني بزخم كامل، وعلى مدار الأيام التي أعقبت الغارة الجوية التي وقعت في الأول من أبريل (نيسان) والتي أسفرت عن مقتل القائد في الحرس الثوري محمد رضا زاهدي، حذر المسؤولون الإيرانيون من عواقب وخيمة، واضعين بذلك الكثير من هيبة النظام على المحك، لكن من الناحية العملية، أدركوا أنه لا يمكن لأي إجراء أن يكون شديد الخطورة بحيث يؤدي إلى التعجيل برد كارثي من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة أو كلتيهما. 

وبناء على ذلك، تابع بيرمان، استلزم الهجوم الإيراني في نهاية المطاف استخدام أسلحة بعيدة المدى استغرقت ساعات للوصول إلى هدفها المقصود، مما أعطى إسرائيل وحلفاءها متسعاً من الوقت للاستعداد، بفضل الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية الفائقة القدرة، فضلاً عن المساعدة من الحلفاء، تم تحييد وابل الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية بشكل كامل تقريباً.
مع ذلك، لا يمكن تجاهل الهجوم الإيراني بسهولة. وبالنظر إلى نطاق القصف الإيراني، من الواضح أنه لم يكن مجرد استعراض. كان النظام ينوي إحداث ضرر حقيقي. ولأنه فعل ذلك، كما يواصل مسؤولون إسرائيليون الحديث عنه، يجب ألا تؤخذ تصرفات إيران بناء على ما حدث بالفعل، بل بناء على أساس الضرر الذي كان من الممكن أن يحدث لو نجح الهجوم.

ليس خياراً

بطبيعة الحال، أضاف الكاتب، تفضل إدارة بايدن بشدة ألا تقوم إسرائيل بأي شيء رداً على ذلك.

في البداية، وقف البيت الأبيض إلى جانب إسرائيل للمساعدة في إحباط الهجوم الإيراني، لكن سرعان ما غيرت واشنطن موقفها لتنصح إسرائيل بممارسة ضبط النفس خشية من تصعيد الأعمال العدوانية بشكل أكبر.

ومن المؤكد أن الرأي الأمريكي مهم لأن الدفاع ضد إيران مشروع مكلف للغاية يتطلب مساعدة أمريكية مستمرة.

وتشير تقديرات ما بعد الأزمة إلى أن المبلغ الإجمالي لمواجهة الهجمات الإيرانية في 13 أبريل وصل وحده إلى أكثر من مليار دولار.

ومع ذلك، ومن وجهة نظر إسرائيلية، إن عدم القيام بأي شيء ليس خياراً، ببساطة، إن التقاعس عن التحرك سيكرس وضعاً راهناً جديداً خطيراً في المنطقة، وهو الوضع الذي يتم فيه تطبيع الهجمات المباشرة المستقبلية التي تشنها إيران على أعدائها. مهما كانت الخطوات التي ستتخذها إسرائيل تالياً، فستكون مصممة لضمان عدم حدوث ذلك.