تجربة صاروخية إيرانية.(أرشيف)
تجربة صاروخية إيرانية.(أرشيف)
الأحد 7 فبراير 2021 / 13:33

ماذا يعني إطلاق إيران صواريخ ضخمة في هذه المرحلة؟

في الثالث من فبراير (شباط)، أطلقت إيران صاروخاً جديداً يحمل قمراً اصطناعيا، في خطوة اعتبرها المدير التنفيذي في مركز الشرق الأوسط لإعداد التقارير والتحليلات سيث فرانتزمان إشارة إيرانية إلى أن برنامجها الصاروخي غير مطروح على طاولة المباحثات النووية بين واشنطن وطهران.

الولايات المتحدة لم تُعلّق أو تتحدّث عن تجربة إيران الأخيرة لإطلاق الصواريخ، ولم تعترض عليها بالأسلوب نفسه الذي تستخدمه الولايات المتحدة في كثير من الأحيان لإنتقاد تجارب الصواريخ الكورية الشمالية

وكتب فرانتزمان، في صحيفة "جيروزاليم بوست"، أن مجلة "فوربس" ذكرت أن هذا الصاروخ قادر على حمل قذيفة حربية نووية، بينما أشارت وسائل إعلام أخرى إلى أن إطلاق الصاروخ تزامن مع شروع الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس جو بايدن في مناقشة الإتفاق النووي مع إيران.

وأضاف أن أهمية تجربة إيران لهذا الصاروخ تتمثّل في عدة جوانب، إذ إنها توضِّح للولايات المتحدة مدى قوة البرنامج الصاروخي الإيراني، كما تمثِّل تهديداً محتملاَ لإسرائيل.

تطوّر مهم
وشرح خبير الصواريخ تال إنبار أن هذا الأمر يُعد "تطوراً مهماً، إذ أن إيران استخدمت في إطلاق الصاروخ مركبة إطلاق حديثة تماماً"، موضحاً أن "معلومة المركبة الحديثة وصلتنا من مصادر إيرانية منذ أكثر من عام، وقد أُطلق الصاروخ من دون أن يحمل قمراً صناعياً بإعتبارها رحلة تجريبية، وهي مركبة إطلاق تتكوّن من ثلاث مراحل".

وأطلقت إيران على الصاروخ اسم "ذو الجناح" وهو اسم حصان الحسين بن علي بن أبي طالب، وسُمِّي بهذا الإسم لسرعته.

ووفقاً لإنبار، ما يُثير الإهتمام أن المرحلتين الأولى والثانية من الصاروخ الحامل للأقمار الصناعية تستخدمان الوقود الصلب. ويبلغ قُطْر هاتين المرحلتين من الصاروخ 1.5 متر، ولذلك يُعد "ذو الجناح" أكبر صاروخ من الوقود الصلب في ترسانة إيران.

كشف جديد
ووصف إنبار الصاروخ أو مركبة إطلاق الأقمار الصناعية بأنها "كشْف جديد".
وتزامن إطلاق إيران للصاروخ العملاق مع التغطية الصحافية للتهديدات الإيرانية، ومن بينها التهديدات الموجَّهة إلى إسرائيل، والمباحثات الجارية بشأن عودة واشنطن للإنضمام إلى الإتفاق النووي. وتدل المؤشرات إلى تردّد أميركي قبل الإنصياع لمطالب إيران. وكانت إسرائيل حذَّرت إيران من سعيِها المستمر لامتلاك أسلحة نووية. كما حذَّرت إيران إسرائيل من أي هجومٍ ضدها.

ليست مجرد تجربة
وفي السياق ذاته، رأى إنبار أن إطلاق الصاروخ "ليس مجرد رحلة تجريبية فعلية لمركبة صواريخ تحمل أقماراً صناعية، ولكنها إشارة من طهران إلى الولايات المتحدة، وأوروبا، وإسرائيل، بأن تكنولوجيا الصواريخ الخاصّة بها غير مطروحة على طاولة مباحثات الاتفاق النووي".

وسأل إنبار: "إذا كانت إيران تمتلك إمكانات مثل مركبة إطلاق قمر صناعي، فما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لإمكاناتِها بشأن إطلاق الصواريخ الباليستية البعيدة المدى؟

ويجيب خبير الصواريخ قائلاً: "صحيحٌ أنه ليس صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، لكن يُمكنه إطلاق متفجرات شديدة الإنفجار يصل مداها إلى آلاف الكيلومترات".

أسئلة مهمة

هناك أسئلة أخرى مطروحة بشأن نوع القاذفة الناقلة التي يُمكن أن تنقل الصاروخ الإيراني. وكانت إيران قد عرضت في السابق ما تمتلكه من القاذفات الناقلات بأحجام مختلفة. وتمتلك إيران برنامجاً صاروخياً واسع النطاق بالإضافة إلى ترسانة صواريخ بعيدة المدى والصواريخ الدقيقة مثل: شهاب-3، وسجّيل، وقادر، وفتح-110، وقيام-1.

وإلى ذلك، عرضت إيران لأول مرة بعض العروض التصورية الرسمية لمركبات الإطلاق المستقبلية، والتي ستكون أكبر من التي تمتلكها حالياً وأثقل وزناً بكثير.

وذكر إنبار أن طهران لديها خطة لإنتاج مركبة إطلاق قمر صناعي يصل وزنها إلى 2.5 طن. وفي العام الماضي، أطلقت إيران قمراً صناعياً عسكرياً، وقد تُحاول في المستقبل وضع قمر صناعي آخر في مدار أرضي تزامني.

وقال إنبار: "يتعيّن علينا الإنتظار ومُراقبة الاتجاهات المستقبلية، لأن إيران أصبحت أكثر تقدماً في مجال الوقود الصلب، مثل الفوهات القابلة للتوجيه، والمتحركة، والمواد المركبة". وأوضح إنبار أن الولايات المتحدة لم تُعلّق أو تتحدّث عن تجربة إيران الأخيرة لإطلاق الصواريخ، ولم تعترض عليها بالأسلوب نفسه الذي تستخدمه الولايات المتحدة في كثير من الأحيان لإنتقاد تجارب الصواريخ الكورية الشمالية. وتتردّد شائعات مفادها أن كوريا الشمالية تعمل مع إيران في مجال تكنولوجيا الصواريخ، وقد كشفت مؤخراً عن صواريخها العملاقة.

الجهة التي تُنفّذ التجربة
ورصد الكاتب مسألة أخرى بالغة الأهمية، وهي الإنتباه إلى الجهة التي تنفِّذ هذه التجارب في إيران. وقد أدَّى الحرس الثوري الإيراني في الماضي دوراً أساسياً في هذا الشأن، لكن وكالة الفضاء الإيرانية شاركت في التجربة التي أُجرِيت مؤخراً. وفي العام الماضي، شملت تجربة صاروخية كبيرة صاروخاً يعمل بوقود صلب ووقود سائل. وقبل عدة أسابيع، أجرت إيران أيضاً مناورات عسكرية أُطلقت عليها "الرسول الأعظم"، حيث أطلقت عدداً من الصواريخ.

ما أهمية الوقود السائل أو الصلب؟
ولاحظ إنبار أن عدداً من الصواريخ الروسية والكورية الشمالية تعمل بالوقود السائل، كما تعمل الصواريخ الموجّهة نحو الفضاء بالوقود السائل. وأصبح الوقود السائل أكثر كفاءة في السنوات الأخيرة. وتمتلك دول أخرى مثل أوكرانيا والصين أيضاً خبرة في هذه الأنواع من محركات الصواريخ.

وأوضح إنبار "في الوقت الراهن، نجد أن كوريا الشمالية انتقلت من الوقود السائل إلى الوقود الصلب لإطلاق صواريخها ذات المدى المتوسط بسبب المزايا التشغيلية للوقود الصلب، إذ يُمكن إطلاق الصواريخ من دون تحضير، إضافة إلى إطلاق وابل من القذائف والصواريخ، ولذلك هناك توجُّه عام نحو استخدام كلا الوقودين السائل والصلب، وذلك اعتماداً على الهدف من إطلاق الصاروخ". أما بالنسبة للجيل الجديد من الصواريخ في الصين، فإنها تعمل بوقود دفعي صلب.

وختم إنبار "لم يتبقَ سوى أن ننتظر ما الذي ستكشفه لنا الأيام المقبلة بشأن برنامج الصواريخ الإيراني".