الثلاثاء 7 سبتمبر 2021 / 12:29

هل تتحول إفريقيا إلى ساحة صراع جديدة بين إيران وإسرائيل؟

اعتبر الباحث في معهد "أبا إيبان للدبلوماسية الدولية" في إسرائيل داني سيترينوفيتش، أن الخلاف الأخير بين المغرب والجزائر ليس مسألة محلية فحسب، بل يعكس بوضوح اتجاهاً أوسع نطاقاً نحو مواجهة دبلوماسية محتملة بين إسرائيل وإيران على النفوذ في إفريقيا.

يمكن للجهود الإسرائيلية الإفريقية أن تركز، ليس فقط على تحديد الخلايا الإرهابية المحتملة وملاحقتها في جميع أنحاء القارة، ولكن أيضاً على البنية التحتية الأيديولوجية الإيرانية العاملة في إفريقيا، من جامعات، ومساجد، ومراكز دينية

وكتب سيترينوفيتش، لموقع "المونيتور"، أن قرار الجزائر، على لسان وزير الخارجية رمطان لعمامرة في 24 أغسطس (آب) الماضي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب يبدو، للوهلة الأولى، مستقلًاً ونتيجةً مباشرة للعلاقات الشائكة التي تدهورت بين البلدين على مر السنين.

ولكن العمامرة نفسه هو الذي قدّم سياقاً أوسع اتهم فيه إسرائيل جزئياً بالتعاون مع المغرب ضد الجزائر.

خلفيات قطع العلاقات؟
وأوضح ضابط الاستخبارات السابق أن لعمامرة كان غاضباً، من تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، خلال زيارته للمغرب في 12 أغسطس (آب)، الذي قال فيه إنه يشاطر نظيره المغربي ناصر بوريطة "بعض القلق من دور الجزائر في المنطقة، التي تتقارب مع إيران وتشن حالياً حملة ضد انضمام إسرائيل إلى الاتحاد الإفريقي، بصفة مراقب".

ولذلك، يمكن القول إن لقطع العلاقات خلفيات تمتد وراء مثلث إسرائيل، والمغرب، والجزائر.

تقليدياً، ترى إيران في القارة الأفريقية ساحة حيوية في نضالها العالمي من أجل النفوذ، حيث تتنافس  مع السعودية والغرب أيضاً، مستغلة المشاعر المناهضة للاستعمار في القارة السمراء.

وسعياً منها لبسط نفوذها في إفريقيا، أنشأت إيران، على مر السنين، بنية تحتية من مساجد ومراكز ثقافية وشبكات خيرية ومؤسسات تعليمية، وتوظفها في بث الروح الثورية في جميع أنحاء القارة.

الوحدة 400 الإيرانية
وتشمل الجهود الإيرانية لاختراق أفريقيا أيضاً عناصر أخرى، إذ يعتقد الخبراء أن إيران ووكلاءَها نجحوا في بناء شبكات تهريب وجريمة باستغلال الهياكل السياسية الهشة في بعض البلدان الأفريقية،  وربما بدعم من الشتات اللبناني. ومن خلال هذه الشبكات، يقال إن إيران تجند عملاء محليين ينضمون بعد ذلك إلى القضية الدينية الإيرانية.

ويستشهد الكاتب بما يشير إليه الخبراء من أدلة عن تدريب فيلق القدس الإيراني بعر الوحدة 400، وتسليح جماعات انفصالية عدة في أفريقيا، ولجماعات شيعية، بينها الحركة الإسلامية النيجيرية. كما استغلت إيران علاقاتها مع بعض الدول الأفريقية لتجاوز العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن.

 سباق محموم
حافظت إيران على علاقات جيدة مع الجزائر لعقود من الزمن، وتستمر في إعطاء الأولوية للعلاقات معها، حيث يدعم البلدان محاولة جبهة البوليساريو الحصول على حكم ذاتي في الصحراء الغربية، ما يؤدي إلى خلاف بينهما مع المغرب.

وبالتوازي مع الجهود الإيرانية في القارة، عمقت إسرائيل علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية والتعاونية والأمنية في إفريقيا في السنوات الماضية. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، عملت إسرائيل على تطبيع العلاقات مع السودان. وفي 23 يوليو (تموز)، وافق الاتحاد الإفريقي على انضمام إسرائيل إليه عضواً "مراقباً".

وجاءت الخطوة الأخيرة، كما ذكر لابيد، رغم الجهود الجزائرية لمنعها. وانضمت جنوب إفريقيا، ونيجيريا، الدولتان اللتان تنشط فيهما إيران، إلى الحملة، ضد قبول إسرائيل عضواً مراقباً.

تصدير الثورة الإيرانية
وخلافاً لسياسات سلفه حسن روحاني، من المرجح أن يركز الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي جهوده على تصدير الثورة الإيرانية إلى إفريقيا إذ قال أخيراً، إن "الحكومة الإيرانية الجديدة ستكرس كل قدراتها لتعميق التعاون مع الدول الإفريقية".

وعلاوة على ذلك، يرتبط وزير الخارجية الإيراني الجديد حسين أمير عبد اللهيان، ارتباطاً وثيقاً بالحرس الثوري، ومن المرجح أن يدعم أنشطة الحرس الثوري في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وحتى أبعد من ذلك "ما يعني أن التوترات بين إسرائيل وإيران بسبب إفريقيا يمكن أن تتفاقم"، حسب سيترينوفيتش.

اسرائيل والمساعد الاستخباراتية
وبطبيعة الحال، تركِّز إسرائيل جهودها الاستخباراتية على الأنشطة الإيرانية في الشرق الأوسط. ولكن لمواجهة نوايا التمدد الإيراني في إفريقيا، على إسرائيل اتخاذ إجراءات إضافية.

والأهم من ذلك، عليها أن تزيد المساعدة الاستخباراتية التي تقدمها إلى مختلف الدول الإفريقية التي تدرك أيضاً التهديد الإيراني في المنطقة.

وفي هذا الصدد، يمكن للجهود الإسرائيلية الإفريقية أن تركز، ليس فقط على تحديد الخلايا الإرهابية المحتملة وملاحقتها في جميع أنحاء القارة، ولكن أيضاً على البنية التحتية الأيديولوجية الإيرانية العاملة في إفريقيا، من جامعات، ومساجد، ومراكز دينية.

كما يمكن التركيز، بشكل خاص، على شن حملة اقتصادية ضد أصول إيران وحزب الله اللبناني في القارة.