الأربعاء 16 مارس 2022 / 12:29

ذا هيل: هذا ما ينتظر العالم في حرب باردة جديدة

24-زياد الأشقر

ينكب المحللون على البحث في تأثير الحرب في أوكرانيا على النظام الجيوسياسي في العالم، فيما يعتقد العديد من الخبراء "أننا في حرب باردة جديدة"، حسب الباحث توم موكيتيس الذي يعتبر أن التحدي الحقيقي هو منع تمدد الصراع.

يتوقع الكاتب أن تكون الحرب الباردة الجديدة، باردة جداً لفترة طويلة، تُعزل فيها روسيا لأشهر، وربما لفترة أطول

ولفهم الحرب الباردة الجديدة، يقول الكاتب إنه يجب التفكير في أوجه الشبه والاختلاف مع الحروب القديمة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية يحدوها أمل كبير في بقاء التحالف أثناء الحرب سليماً لضمان السلام العالمي، ولكن سرعان ما ثبت أنه أمل بائس، فقد كانت للاتحاد السوفييتي الرغبة في إقامة أنظمة من الدمى في كل دولة احتلها الجيش الأحمر.

وفي 1949، شكل الحلفاء في الغرب منظمة حلف شمال الأطلسي ناتو ورد السوفييت بحلف وارسو في 1955.

قوة الردع النووي
ولفت الكاتب إلى أنه كان يمكن أن تتفكك التحالفات، لولا قوة الردع النووي. وبحلول أوائل الستينيات، صاغ الخبراء مصطلح "التدمير المتبادل المؤكد- الجمود الاستراتيجي"، لأن الخصوم كانوا يملكون ما يكفي من القنابل الهيدروجينية لتدمير بعضهم، فلا يمكن لأحد أن يربح الحرب، ولذلك لم تكن هناك جدوى من القتال، وانضمت الصين إلى النادي النووي في 1964، ووسعت الحرب الباردة إلى آسيا، وفقاً لموكيتيس، أستاذ التاريخ بجامعة ديبول ومؤلف كتاب "العراق وتحدي مكافحة التمرد".

ومنع الردع النووي معركة نهاية العالم "أرماغدون"، لكنه لم يحل دون الحروب بالوكالة في تلك الحقبة، حيث دعمت واشنطن إسرائيل، ودعمت موسكو مصر، وعندما غرقت الولايات المتحدة في مستنقع جنوب شرق آسيا، زود السوفييت فيتنام الشمالية بالأسلحة ومساعدات أخرى، وجهزت الولايات المتحدة المقاتلين الأفغان بصواريخ ستينغر المضادة للطائرات لاستخدامها ضد المحتلين السوفييت خلال الثمانينيات، ودعم الجانبان الكثير من الدول بالوكالة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

سمات الحرب القديمة
ويرى موكيتيس أن الحرب الأوكرانية الروسية تتسم بالعديد من السمات المميزة للاشتباكات في الحرب الباردة القديمة، حيث تردع ترسانة موسكو النووية التدخل المباشر من الولايات المتحدة ودول ناتو، تماماً كما منعت الثورة المجرية في 1956 أو ربيع براغ في 1968.

ومع ذلك فإن الردع النووي لم يمنع الحلف من إمداد الجيش الأوكراني بالأسلحة، ولقيت دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإنشاء منطقة حظر طيران فوق بلاده رفضاً شديداً خوفاً من استفزاز روسيا.

ورغم بعض أوجه التشابه مع الصراعات السابقة، إلا أن الحرب الحالية تدور في سياق مختلف تماماً، حيث أصبح العالم أكثر تعقيداً منذ نهاية الحرب الباردة في 1989، وبقي الاتحاد الروسي مثل ظل للاتحاد السوفييتي، وزادت قوة الصين بشكل كبير وأصبحت تشكل تهديداً أكبر للولايات المتحدة.

شبكة عالمية للتجارة

ولا يختلف المشهد الاستراتيجي عما كان عليه قبل 30 عاماً، ولكن العالم أكثر تكاملاً، حيث أدمجت الدول في شبكة عالمية للتجارة والتمويل، وهذا الاعتماد جعل المعتدي معرضاً للضغوط الاقتصادية، كما في العقوبات الأمريكية والدولية على روسيا بعد الغزو، ولكنها عقوبات ستؤدي إلى كلفة كبيرة وارتفاع أسعار السلع.

وأوضح موكيتيس أن المشهد الأمريكي المحلي تغيّر، أيضاً، إذ جعلت الإدارات الديمقراطية والجمهورية، رغم اختلافاتها على تفاصيل السياسة، احتواء الصين وروسيا أولويتها الأولى في السياسة الخارجية.

باردة وطويلة
ورغم هذه المعطيات، يرى موكيتيس أن التشابك الاقتصادي والأمني العالمي المعقد يجعل من غير المحتمل أن ينقسم العالم مرة أخرى إلى معسكرين مسلحين أو حتى ثلاثة لفترة طويلة، حيث تمثل الصين أكثر من ربع التصنيع العالمي، وأكثر من 20% من واردات الولايات المتحدة، وتنتج روسيا 10% من نفط العالم وتزود أوروبا بنحو 40 % من الغاز الطبيعي.

ويتوقع الكاتب أن تكون الحرب الباردة الجديدة، باردة جداً لفترة طويلة، تُعزل فيها روسيا لأشهر، وربما لفترة أطول، وقد يغزو بوتين مولدفيا، وجورجيا، لكن ذلكس يعني المزيد من الألم لروسيا، واندلاع اضطرابات للإطاحة ببوتين.