الأحد 16 أكتوبر 2016 / 09:02

انقلاب مفاجئ في اليونيسكو

مفتاح شعيب - الخليج

ثارت ثائرة الكيان الصهيوني من قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو" الذي أنكر أي علاقة لليهود بالمسجد الأقصى المبارك. ويبدو أن تلك "الثورة" المدعومة أمريكياً قد آتت أكلها، فخرجت المديرة العامة للمنظمة إيرينا بوكوفا فجأة لتنقلب على القرار الذي صوتت عليه أغلبية الدول الأعضاء، وتزعم أن "المسجد الأقصى أو الحرم الشريف هو أيضاً "جبل الهيكل"، وفيه حائط المبكى أقدس مكان لليهود".

المتطرف بنيامين نتنياهو هاجم المنظمة الأممية بقوة واعتبرها "فاقدة للشرعية"، في الوقت الذي بدأت فيه الدوائر الصهيونية داخل الكيان ولدى حلفائه، خصوصاً في واشنطن، في شن هجمة منسقة رضخت تحتها بوكوفا ، وأجبرت على إصدار بيان لم يحترم إرادة الدول التي دعت في موقف تاريخي إلى الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني، ووصفت "إسرائيل" بأنها قوة احتلال يجب أن توقف تدنيسها وتهويدها للمعالم والأسماء العربية الإسلامية في القدس الشريف. وإذا كان المقصود بالبيان إرضاء "إسرائيل" والولايات المتحدة، فإنه في واقع الأمر لا يلغي القرار، فهو مجرد بيان، لكنه قد يعرقل أي مسعى عربي إسلامي جديد لطرح الملف للنقاش. لقد ضربت مديرة "اليونيسكو" مصداقية المنظمة وأظهرت انحيازاً مفضوحاً للتزوير وسياسات التهويد الشيطانية، ومثّل موقفها خيانة موصوفة للدول الأعضاء التي أرادت أن تمارس حقها المشروع في الدفاع عن القضايا الإنسانية، ومصير القدس والمسجد الأقصى واحد من أخطر القضايا المطروحة على الساحة الدولية، وسيكون التملص من حلها وفق الأسس والقواعد التاريخية وصمة عار في جبين المجتمع الدولي لعقود أخرى.

اعتبرت المواقف الفلسطينية والعربية والإسلامية موقف اليونيسكو من القدس قبل تراجع مديرتها ، بأنه شجاع والأكثر جرأة الذي تتخذه منظمة دولية لاعترافه بأن لا علاقة لليهود بالمسجد الأقصى، بيد أن الواقع على الأرض يختلف عما يسطّر على الورق، فالقرار لن يتم تنفيذه بعد أن رفضه الكيان الصهيوني مدعوماً من الإدارة الأمريكية، والقرار الذي سيصوّت عليه نهائياً في خلال الساعات المقبلة قد يسقط بالتصويت ، بعدما استباحت الضغوط وسياسات المساومة والابتزاز حرمة المنظمة الدولية، ولن يكون حظ "اليونيسكو" أفضل من حظ مجلس الأمن والجمعية العامة وكل الهيئات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة التي ظلت دائماً منحازة وعاجزة عن فعل أي شيء حيال الاحتلال الغاصب في فلسطين، وهو شعور يغذي اليأس من أي مفاجأة طيبة يمكن أن تأتي من هذه الدوائر المستلبة.

دعاة "الحل السياسي" للقضية الفلسطينية لا يعملون على حلها من الأساس، فهم دائماً يؤكدون أن هذا الحل يجب أن يتطابق مع "الشرعية الدولية" والقرارات ذات الصلة. وبالتجربة يتبين أن رهن الحل بالأمم المتحدة ليس جدياً، فهذه المنظمة لا تعيد للشعب الفلسطيني حقه. ومحاولة إسقاط قرار "اليونيسكو" الأخير يعطي إشارة سلبية جداً ، توجّه الفلسطينيين والعرب أجمعين إلى عدم الثقة في المجتمع الدولي، لأن بعض الدوائر المتحكمة فيه لا تريده أن يكون إيجابياً، وطالما ظلت المنظمات الدولية غير قادرة على التحرر من الهيمنة والوصاية الصهيونية بمختلف أشكالها، فلن تستطيع أبداً المساهمة في تحرر فلسطين، ولن تستطيع قول كلمة حق، وحتى إذا قالتها فستظل كلمة عابرة تشهد على عجز مطلق، أكثر منها اعترافاً بحق مشروع لشعب تفرّق عنه الجميع ويظل وحيداً.