متظاهرون في واشنطن يطالبون بوقف النار في غزة
متظاهرون في واشنطن يطالبون بوقف النار في غزة
الجمعة 12 أبريل 2024 / 11:15

بلومبرغ: حرب غزة تدمّر بايدن سياسياً

تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا الأسبوع عن سوء إدارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للحرب في غزة، قائلاً: "أعتقد أن ما يفعله هو خطأ.. لا أتفق مع نهجه".

لدى بايدن "مشكلة عن يمينه وعن يساره"




تعليقاً على هذا الكلام، كتب فرنسيس ويلكينسون في شبكة "بلومبرغ" أن الأخطاء قد ارتُكبت بالفعل. كان أحدها، كما يظهر واضحاً بشكل متزايد، دعم بايدن السابق غير المشروط لنتانياهو، الذي تبدو مطاردته لحماس في غزة الآن أشبه بالتطهير العرقي. لقد حل محل الغضب العالمي من الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، الغضب العالمي من القصف الإسرائيلي العشوائي، والقتلى المدنيين، والدمار واسع النطاق في غزة.

"لا يمكن إصلاحه"

لقد امتد الدمار إلى مكانة بايدن السياسية. يدلي مناصرو وقف إطلاق النار بأصوات احتجاجية ضد بايدن في الولايات التمهيدية. يشعر العديد من الشباب الأمريكي على وجه التحديد بالصدمة من قيام الولايات المتحدة بتوفير الذخائر لقصف غزة. ويبدو مرجحاً أن يدفع بايدن ثمناً سياسياً في نوفمبر (تشرين الثاني).
وقال مات داس، نائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية ومستشار سابق في السياسة الخارجية للسيناتور بيرني ساندرز: "أعتقد أن الكثير من هذا الضرر، بصراحة، لا يمكن إصلاحه".
وصف ساندرز غزة بأنها "واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية التي شهدناها منذ فترة طويلة جداً" ويرى أنه "ينبغي على إسرائيل ألا تحصل على أي مساعدات عسكرية، حتى تتغير تلك السياسات بشكل جذري".

 


وبالرغم من أن ساندرز يحتل الجناح اليساري من الحزب الديمقراطي، فإن آراءه ليست هامشية.
في استطلاع رأي عبر الإنترنت للبالغين الأمريكيين، أجرته مؤسسة يوغوف بين 27 فبراير (شباط) و1 مارس (آذار)، وافق 52% على وجوب أن توقف الولايات المتحدة شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، حتى تنهي هجومها العسكري في غزة. أما الدعم لهذا الموقف بين مؤيدي بايدن في انتخابات 2020 فهو أكثر تفاوتاً حيث يصل إلى 62% مقابل 14%.

ماذا لو خسر بايدن؟

بحسب الكاتب، من الصعب قياس حدة تلك الآراء، لكن من الواضح أن بعض مناصري بايدن السابقين غاضبون. واجهت خطط إقامة حفل إفطار في البيت الأبيض خلال شهر رمضان معارضة من قادة مسلمين غاضبين، لأن بايدن "مكن الجيش الإسرائيلي من تجويع وذبح الشعب الفلسطيني في غزة"، كما قال أحدهم.

 


بالنسبة للمسلمين والغاضبين الآخرين من دعم بايدن لإسرائيل، إن تحليل التكلفة والعائد السياسي صارخ. إذا غابوا عن الانتخابات وخسر بايدن في نوفمبر(تشرين الثاني)، فسيعود ترامب المناهض للمسلمين والمدعوم من القوميين المسيحيين البيض إلى البيت الأبيض. وستكون تلك نتيجة مريرة. مع ذلك، لو كانت السياسة عبارة عن مجموع تحليلات مفرطة العقلانية للأكلاف والفوائد، لكان العالم مكاناً مختلفاً إلى حد كبير.

تعقيدات إضافية

ما يزيد الأمور تعقيداً هو أن مصالح نتانياهو وبايدن متعارضة تماماً. بينما يريد بايدن السلام وإعادة البناء وخطة لمستقبل فلسطيني إسرائيلي مشترك، يبدو أن نتانياهو لا يريد أياً من ذلك. فهو يستفيد من الأزمة التي تبقي ائتلافه الهش متماسكاً، وتبقيه أيضاً خارج قفص الاتهام بالفساد.

ويعلم نتانياهو أيضاً أن ترامب لن يضايقه بشأن الأطفال الفلسطينيين القتلى، هذا إذا اهتم ترامب بملاحظة مثل هذه الوفيات في الأساس. كما أن نتانياهو، لا بايدن، هو الذي يقود الحرب.
حصل بايدن على غطاء سياسي من أجل سحب دعمه لإسرائيل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر من نيويورك، التي تضم نحو خُمس اليهود في أمريكا، ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، وهي مؤيدة قوية أخرى لإسرائيل. لكن التراجع عن احتضان بايدن لنتانياهو قد يكون له نتائجه السياسية الخاصة.

هستيريا على الضفة الأخرى

بحسب ويلكينسون، جاءت كل الضغوط على بايدن حتى الآن من أولئك الذين يسعون إلى إنهاء العنف. لكن إذا حاول بايدن وقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل فمن المؤكد أنه سيواجه انتقادات من الجمهوريين.

يوم الأربعاء، وصف رئيس مجلس النواب مايك جونسون بايدن بأنه "رئيس مناهض لإسرائيل". إذا قامت حماس أو حزب الله أو أي حليف آخر لإيران بشن هجوم مميت خلال فترة الوقف المؤقت لشحنات الأسلحة، فإن هستيريا الحزب الجمهوري ستصل إلى طبقة "الستراتوسفير"، وسيواجه بايدن مشكلة جديدة ومختلفة في غزة.
لقد قيل الكثير عن المخاطرة الكبيرة التي يواجهها بايدن مع استياء الناخبين المسلمين في ميشيغان. وهذا الخطر حقيقي. لكن أكثر من 100 ألف يهودي يعيشون أيضاً في ميشيغان. بنسلفانيا، وهي ولاية متأرجحة أخرى كسبها بايدن عام 2020 بأغلبية 80555 صوتاً، تضم نحو 300 ألف يهودي بالغ، بحسب دراسة أجرتها جامعة برانديز. قد يكون الدعم بين مؤيدي بايدن لوقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل غير متوازن، لكنه ليس شاملاً: 14% من مؤيدي بايدن دعموا في استطلاع يوغوف استمرار شحنات الأسلحة.

ما الجواب النهائي؟

لا يزال من غير المعروف كيف ستؤثر غزة على التصويت. اعترف داس، المستشار السابق لساندرز، بأن لدى بايدن "مشكلة عن يمينه وعن يساره". لكن في حين أن المسار الأكثر فائدة من الناحية السياسية قد يكون غامضاً، فإن الالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولي الذي عبّر عنه بايدن في سياقات أخرى قد يوفر خريطة أكثر تأكيداً. بالنسبة إلى الكاتب، لقد فات الأوان بالنسبة إلى بايدن للهروب من الأضرار السياسية الناجمة عن غزة. لكن لم يفت الأوان بعد للاعتراف بأنه ارتكب خطأ هو أيضاً.