قوات أمريكية في العراق
قوات أمريكية في العراق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 / 15:37

4 خطوات لوقف التهديد الإيراني

الرد الإيراني على هجوم إسرائيل على قنصليتها في سوريا، مجرد جزء صغير من تحدٍّ أكبر بكثير، إذ تعكف إيران على التعجيل بتحقيق هدفها القديم المتمثل في الهيمنة الإقليمية.

سيكون من الخطأ تسهيل هيمنة إيران على الهلال الخصيب والانسحاب من العراق وسوريا

ويتجلى ذلك في مساعيها الحالية لإخراج القوات الأمريكية من العراق وسوريا، ومن جملة الأساليب التي تستخدمها طهران، قادة ميليشياتها الوكيلة والأحزاب الإسلامية الموالية لها التي تضغط على رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لمطالبة واشنطن بجدول زمني لانسحاب عسكري أمريكي كامل.

اجتماع بايدن والسوداني

وصرح السوداني قبل لقائه بايدن الإثنين، برغبته في التركيز على موضوع الانسحاب.

وتدرك طهران أن خروج القوات الأمريكية من العراق وفقدان الدعم اللوجستي المصاحب له سيجعل الوجود العسكري الأمريكي في سوريا غير مستدام.

وفي هذا الإطار، أكد زلماي خليل زاد السفير الأمريكي السادس والعشرين لدى الأمم المتحدة (2007-2009) وسفير الولايات المتحدة في العراق (2005-2007)، ضرورة أن يدرك السوداني أن الانسحاب الأمريكي من العراق سيُعزز هيمنة إيران على بلده بقدر أكبر، وأن القوات الأمريكية تمثل الرادع الفعلي الوحيد لها.
ومع ذلك، يضيف زلماي خليل زاد، فإن قدرة السوداني على المناورة محدودة، فهو لا يحظى بدعم حزب سياسي قوي ولا بقوات أمنية موالية، مما يجعله أشبه برمز صوريّ في حكومة تهيمن عليها هاتان القوتان.

ويعول موقفه إلى حد كبير على إرادة الأحزاب الإسلامية الشيعية الموالية لإيران وقوات الميليشيات المدعومة منها.

وحافظَ السوداني على علاقات متينة مع الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين الأمريكيين.

وهو يُعدُّ وجهاً ودوداً للإسلاميين الموالين لإيران والقوات الوكيلة لهم في مواجهة الولايات المتحدة، ولكن من المهم معرفة أنه ليس صاحب القرار.

ويضع القادة الإيرانيون والميليشيات والأحزاب الوكيلة السوداني في موقف شائك، إذ يمارسون عليه ضغوطاً للمطالبة بجدول زمني محدد لانسحاب القوات الأمريكية، وإلا فسيخاطر بفقدان منصبه.

وعلى أقل التقديرات، يجب أن يبدو جاداً في محاولة تنفيذ تعليماتهم.

وسيحرص على أن تظهر إدارة بايدن وكأنها تفكر بجدية في إجراء مفاوضات للانسحاب. 

وتابع زلماي خليل زاد "يُشكِّل بقاء القوات الأمريكية عقبة كبيرة أمام أحد أهم الأهداف الإقليمية الاستراتيجية للنظام الإيراني، ألا وهو: السيطرة على الهلال الخصيب الذي يضم العراق وسوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية، وتسعى طهران إلى إنشاء ممر بري متصل إلى البحر الأبيض المتوسط".
ورغم أن أمريكا تتطلع للانسحاب، ستبقى هناك عقبات محلية تحول دون تحقيق إيران لطموحاتها التوسعية.

تشمل هذه العقبات حكومة إقليم كردستان وبعض العرب السُّنّة، وحتى بعض الجماعات الشيعية الوطنية التي تُعارض هيمنة إيران على بلدها، ولو أن هذه الجماعات لم تتبنَّ موقفاً علنياً ضد الانسحاب خشية الانتقام والاغتيال من قبل الميليشيات التابعة لطهران.
ومع ذلك، يرى الكاتب أن انسحاباً أمريكياً كاملاً من شأنه إزالة أهم العقبات أمام الأهداف الإيرانية العدوانية وخلق فراغ تتدخل فيه إيران. وسيؤثر الانسحاب أيضاً على حسابات كثير من الأطراف الفاعلة الأخرى إذ تُقيِّم التوازن المستقبلي والنظام في منطقتها.

الهيمنة الإيرانية لا تخدم المصالح الأمريكية

وأكد زلماي خليل زاد أن هيمنة إيران على الشرق الأوسط لا تخدم المصالح الأمريكية. فالنظام الإيراني مُعادٍ للولايات المتحدة ويدعم الإرهاب ويحرص على امتلاك أسلحة نووية ويصنِّع صواريخ ذات مدى أطول لإيصال الأسلحة التقليدية والنووية في نهاية المطاف. كما أنه قد تجاوز مرحلة الشكوك التي تكتنف سعيه لإقامة شراكة مع خصمينا العالميين الصين وروسيا.
وقال الكاتب سيكون من الخطأ تسهيل هيمنة إيران على الهلال الخصيب والانسحاب من العراق وسوريا. ومع ذلك، إذا رفضنا الانسحاب، فيجب أن نكون مستعدين لتصعيد إيران للضغوط، ومن المرجح أن تأمر ميليشياتها الوكيلة بمهاجمة قواتنا في العراق أو كلا البلدين.

4 خطوات للتعامل مع إيران

ودعا الكاتب في مقاله بموقع "ناشونال إنترست" إلى مراجعة السياسات والمواقف الأمريكية وإجراء التعديلات اللازمة عليها لردع هذا التهديد بشكلٍ فعال، مؤكداً ضرورة أن يشمل ذلك الخطوات الأربع التالية:
أولاً، يجب علينا تعزيز الردع. أما الرد بشن هجوم على قوات إيران بالوكالة فهو غير كافٍ لأن حياة الميليشيات العراقية أو السورية أو اللبنانية أو اليمنية بالنسبة لطهران رخيصة، ولن نقدم بذلك لطهران سوى فرصة لاختبار أسلحتها ومفاهيمها العملياتية. وفي الوقت نفسه، فإن ذلك سيفرض علينا تكاليف باهظة مالياً ومادياً. ويتطلب الردع الفعَّال أن نجعل تصرفات الميليشيات إشكالية لإيران. ويجب أن نوضح لإيران أن استئناف وكلائها للهجمات ضدنا – وتحديداً ضد قواتنا، بما في ذلك القواعد والسفن البحرية في المنطقة – سيفضي إلى تحييد أهداف طهران ذات القيمة العالية في المنطقة وداخل إيران.
ثانياً، يجب أن نبلغ إيران بوضوح أن استئناف الهجمات بالوكالة سيؤدي إلى تشديد العقوبات الأمريكية على غرار تلك التي طُبقت خلال فترة إدارة ترامب. فقد كانت تلك العقوبات كبيرة وشملت القطاعات النفطية وغير النفطية، وأثَّرَت على أكثر من 700 شخص وكيان. وقد كانت مكلفة للغاية لإيران، وتخشى طهران إعادة تطبيقها.
ثالثاً، علينا زيادة الضغط السياسي على النظام الإيراني بالتركيز على نقاط ضعفه. فالقمع السياسي وسوء الإدارة الاقتصادية جعلا الحكومة الدينية بغيضة، مما جعلها تهاب ثورة شعبية أو انقلاباً من قِبَل عناصر من أجهزتها الأمنية. ولا يمكن للنظام أن يصمد إلى ما لا نهاية. ولذلك، يمكن التعجيل بزواله من خلال برامج فعالة تفضح فساده وإهدار موارده بدعمه للجماعات الإرهابية والمتطرفة وتسليط الضوء على المعارضة الواسعة داخل إيران. إن الشعب الإيراني ليس معادياً للولايات المتحدة. في الواقع، ربما لا يوجد مكان في الشرق الأوسط تحظى فيه الولايات المتحدة بشعبية أكبر من إيران. كما أن الجالية الإيرانية الضخمة والناجحة في أمريكا يمكن أن تكون رصيداً قيماً للتنمية الاقتصادية والسياسية في أمريكا وجسراً بين الولايات المتحدة وإيران.
رابعاً، بينما نعود بجديَّة إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، علينا أن نشجع دول المنطقة على تعزيز قدراتها العسكرية والتعاون لمواجهة جهود طهران المستمرة للهيمنة.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "النظام الإيراني كيان طموح ولكنه داهية وحاذق وحسّاس ويتجنب المخاطرة. ستستمر طهران في زيادة هيمنتها على العراق والتقدُّم نحو الهيمنة الإقليمية إذا سُمح لها بذلك، علينا أن نتصدى لها ونؤكد أننا لا ننوي السماح لها بأن تنجح في مآربها".